صفحة جزء
ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة يعني: العافية والكفاف، قاله قتادة، أو المرأة الصالحة، قاله علي - كرم الله تعالى وجهه - أو العلم والعبادة قاله الحسن، أو المال الصالح قاله السدي، أو الأولاد الأبرار، أو ثناء الخلق قاله ابن عمر، أو الصحة والكفاية والنصرة على الأعداء والفهم في كتاب الله - تعالى - ، أو صحبة الصالحين قاله جعفر، والظاهر أن الحسنة وإن كانت نكرة في الإثبات، وهي لا تعم إلا أنها مطلقة، فتنصرف إلى الكامل والحسنة الكاملة في الدنيا ما يشمل جميع حسناتها، وهو توفيق الخير وبيانها بشيء مخصوص ليس من باب تعيين المراد؛ إذ لا دلالة للمطلق على المقيد أصلا، وإنما هو من باب التمثيل، وكذا الكلام في قوله تعالى: وفي الآخرة حسنة فقد قيل هي الجنة، وقيل: السلامة من هول الموقف وسوء الحساب، وقيل: الحور العين، وهو مروي عن علي - كرم الله تعالى وجهه - ، وقيل: لذة الرؤية، وقيل وقيل ...، والظاهر الإطلاق وإرادة الكامل وهو الرحمة والإحسان، وقنا عذاب النار 102 أي: احفظنا منه بالعفو والمغفرة، واجعلنا ممن يدخل الجنة من غير عذاب، وقال الحسن: احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى عذاب النار، وقال علي - كرم الله تعالى وجهه - : عذاب النار المرأة السوء - أعاذنا الله تعالى منها - وهو على نحو ما تقدم، وقد كان – صلى الله تعالى عليه وسلم- أكثر دعوة يدعو بها هذه الدعوة كما رواه البخاري ومسلم عن أنس - رضي الله تعالى عنه -، وأخرجا عنه أيضا أنه قال: "إن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - دعا رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ المنتوف، فقال له – صلى الله تعالى عليه وسلم - : هل كنت تدعو الله - تعالى – بشيء؟ قال: نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - : سبحان الله إذا لا تطيق ذلك، ولا تستطيعه، فهلا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ودعا له" فشفاه الله - تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية