وحنانا من لدنا عطف على (الحكم) وتنوينه للتفخيم وهو في الأصل من حن إذا ارتاح واشتاق، ثم استعمل في الرحمة والعطف ، ومنه الحنان لله تعالى خلافا لمن منع إطلاقه عليه عز وجل ، وإلى تفسيره بالرحمة هنا ذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن   nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة   nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك   nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة   nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء  وأبو 
عبيدة  وهو رواية عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، ويروى أنه أنشد في ذلك 
لابن الأزرق  قول 
طرفة   : 
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض 
وأنشد 
 nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه  قول 
المنذر بن درهم الكلبي   : 
وأحدث عهد من أمينة نظرة     على جانب العلياء إذ أنا واقف 
تقول حنانا ما أتى بك ها هنا     أذو نسب أم أنت بالحي عارف 
والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية أي وآتيناه رحمة عظيمة عليه كائنة من جنابنا وهذا أبلغ من ورحمناه وروي هذا التفسير عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد  ، وقيل : المراد وآتيناه رحمة في قلبه وشفقة على أبويه وغيرهما ، وفائدة الوصف على هذا الإشارة إلى أن ذلك كان مرضيا لله عز وجل فإن من الرحمة والشفقة ما هو غير مقبول كالذي يؤدي إلى ترك شيء من حقوق الله سبحانه كالحدود مثلا أو الإشارة إلى أن تلك الرحمة زائدة على ما في جبلة غيره عليه السلام لأن ما يهبه العظيم عظيم . وأورد على هذا أن الإفراط مذموم كالتفريط وخير الأمور أوسطها . ورد بأن مقام المدح يقتضي ذلك . ورب  
[ ص: 73 ] إفراط يحمد من شخص ويذم من آخر فإن السلطان يهب الألوف ولو وهبها غيره كان إسرافا مذموما . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد  أن الحنان هنا المحبة وهو رواية عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة  أي وآتيناه محبة من لدنا ، والمراد على ما قيل جعلناه محببا عند الناس فكل من رآه أحبه نظير قوله تعالى : 
وألقيت عليك محبة مني وجوز بعضهم أن يكون المعنى نحو ما تقدم على القول السابق ، وقيل : هو منصوب على المصدرية فيكون من باب (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا) . 
وجوز أن يجعل مفعولا لأجله وأن يجعل عطفا على (صبيا) وذلك ظاهر على تقدير أن يكون المعنى رحمة لأبويه وغيرهما ، وعلى تقدير أن يكون وحنانا من الله تعالى عليه لا يجيء الحال وباقي الأوجه بحاله ، ولا يخفى على المتأمل الحال على ما روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد   (وزكاة) أي : بركة كما أخرج 
 nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، وهو عطف على المفعول ، ومعنى إيتائه البركة على ما قيل جعله مباركا نفاعا معلما للخير . وقيل : الزكاة الصدقة والمراد ما يتصدق به ، والعطف على حاله أي آتيناه ما يتصدق به على الناس وهو كما ترى . 
وقيل : هي بمعنى الصدقة والعطف على الحال والمراد آتيناه الحكم حال كونه متصدقا به على أبويه وروي هذا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي  ، 
وابن السائب  ، وجوز عليه العطف على (حنانا) بتقدير العلية ، وقيل : العطف على المفعول ، ومعنى إيتائه الصدقة عليهما كونه عليه السلام صدقة عليهما ، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج  هي الطهارة من الذنوب ولا يضر في مقام المدح الإتيان بألفاظ ربما يستغنى ببعضها عن بعض 
وكان تقيا مطيعا متجنبا عن المعاصي وقد جاء في غير ما حديث أنه عليه السلام ما عمل معصية ولا هم بها . 
وأخرج 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك   nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد  في الزهد 
وابن المبارك   nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد  قال : كان طعام 
يحيى بن زكريا  عليهما السلام العشب وإنه كان ليبكي من خشية الله تعالى حتى لو كان القار على عينه لخرقه، وقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه