صفحة جزء
(وأعتزلكم) الظاهر أنه عطف على (سأستغفر) والمراد أتباعد عنك وعن قومك وما تدعون من دون الله بالمهاجرة بديني حيث لم تؤثر فيكم نصائحي .

يروى أنه عليه السلام هاجر إلى الشام ، وقيل إلى حران وهو قريب من ذلك وكانوا بأرض كوثا . وفي هجرته هذه تزوج سارة ولقي الجبار الذي أخدم سارة هاجر ، وجوز حمل الاعتزال على الاعتزال بالقلب والاعتقاد وهو خلاف الظاهر المأثور وأدعو ربي أي أعبده سبحانه وحده كما يفهم من اجتناب غيره تعالى من المعبودات وللتغاير بين العبادتين غوير بين العبارتين ، وذكر بعضهم أنه عبر بالعبادة أولا لأن ذلك أوفق بقول أبيه أراغب أنت عن آلهتي مع قوله فيما سبق يا أبت لم تعبد ما لا يسمع إلخ ، وعبر ثانيا بالدعاء لأنه أظهر في الإقبال المقابل للاعتزال .

وجوز أن يراد بذلك الدعاء مطلقا أو ما حكاه سبحانه في سورة الشعراء وهو قوله رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين وقيل: لا يبعد أن يراد استدعاء الولد أيضا بقوله : رب هب لي من الصالحين حسبما يساعده السياق والسباق عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا خائبا ضائع السعي . وفيه تعريض بشقاوتهم في عبادة آلهتهم . وفي تصدير الكلام بعسى من إظهار التواضع ومراعاة حسن الأدب والتنبيه على حقيقة الحق من أن الإثابة والإجابة بطريق التفضل منه عز وجل لا بطريق الوجوب وأن العبرة بالخاتمة وذلك من الغيوب المختصة بالعليم الخبير ما لا يخفى

التالي السابق


الخدمات العلمية