صفحة جزء
قوله تعالى: أتبنون بكل ريع أي: طريق، كما روي عن ابن عباس وقتادة .

وأخرج ابن جرير وجماعة عن مجاهد أن الريع الفج بين الجبلين، وعن أبي صخر أنه الجبل والمكان [ ص: 110 ] المرتفع عن الأرض، وعن عطاء أنه عين الماء، والأكثرون على أنه المكان المرتفع، وهو رواية عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ومنه ريع النبات وهو ارتفاعه بالزيادة والنماء، وقرأ ابن أبي عبلة «ريع» بفتح الراء.

آية أي علما - كما روى عن الحبر رضي الله تعالى عنه - وقيل: قصرا عاليا مشيدا كأنه علم، وإليه ذهب النقاش وغيره، واستظهره ابن المنير ، ويمكن حمل ما روي عن الحبر عليه، وحينئذ فقوله تعالى: تعبثون على معنى تعبثون ببنائها لما أنهم لم يكونوا محتاجين إليها وإنما بنوها للفخر بها.

والعبث ما لا فائدة فيه حقيقة أو حكما، وقد ذم رفع البناء لغير غرض شرعي في شريعتنا أيضا، وقيل: إن عبثهم في ذلك من حيث إنهم بنوها ليهتدوا بها في أسفارهم، والنجوم تغني عنها، واعترض بأن الحاجة تدعو لذلك لغيم مطبق أو ما يجري مجراه.

وأجيب بأن الغيم نادر - لا سيما في ديار العرب - مع أنه لو احتيج إليها لم يحتج إلى أن تجعل في كل ريع فيكون بناؤها كذلك عبثا.

وقال الفاضل اليمني: إن أماكنها المرتفعة تغني عنها فهي عبث، وقيل: كانوا يبنون ذلك ليشرفوا على المارة والسابلة فيسخروا منهم ويعبثوا بهم، وروي ذلك عن الكلبي والضحاك ، وعن مجاهد ، وابن جبير أن الآية برج الحمام كانوا يبنون البروج في كل ريع ليلعبوا بالحمام ويلهوا به، وقيل: بيت العشار يبنونه بكل رأس طريق فيجلسون فيه ليعشروا مال من يمر بهم، وله نظير في بلادنا اليوم، ولا مستعان إلا بالله العلي العظيم.

والجملة في موضع الحال وهي حال مقدرة على بعض الأقوال

التالي السابق


الخدمات العلمية