صفحة جزء
واتقوا يوما وهو يوم القيامة أو يوم الموت وتنكيره للتفخيم كما أن تعليق الاتقاء به للمبالغة في التحذير عما فيه من الشدائد التي تجعل الولدان شيبا ترجعون فيه على البناء للمفعول من الرجع، وقرئ على البناء للفاعل من الرجوع والأول أدخل كما قيل: في التهويل، وقرئ (يرجعون) على طريق الالتفات، وقرأ أبي (تصيرون) وعبد الله (تردون إلى الله أي حكمه وفصله ثم توفى أي تعطى كملا كل نفس كسبت خيرا أو شرا ما كسبت أي جزاء ذلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر، والكسب العمل كيف كان كما نطقت به اللغة ودلت عليه الآثار، وكسب الأشعري لا يشعر به سوى الأشاعرة.

وهم لا يظلمون [ 281 ] جملة حالية من كل نفس وجمع باعتبار المعنى، وأعاد الضمير أولا مفردا اعتبارا باللفظ، وقدم اعتبار اللفظ لأنه الأصل ولأن اعتبار المعنى وقع رأس فاصلة فكان تأخيره أحسن، ولك أن تقول: إن الجمع أنسب بما يكون في يومه كما أن الإفراد أولى فيما إذا كان قبله.

أخرج غير واحد من غير طريق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن آية واتقوا يوما الخ آخر [ ص: 55 ] ما نزل من القرآن، واختلف في مدة بقائه بعدها عليه الصلاة والسلام فقيل: تسع ليال، وقيل: سبعة أيام، وقيل: ثلاث ساعات، وقيل: أحد وعشرون يوما، وقيل: أحد وثمانون يوما ثم مات بنفسي هو حيا وميتا صلى الله عليه وسلم.

روي أنه قال: " اجعلوها بين آية الربا وآية الدين " ، وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم قال: " جاءني جبرائيل فقال: اجعلوها على رأس مائتين وثمانين آية من البقرة " ولا يعارض الرواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في أن هذه آخر آية نزلت ما أخرجه البخاري وأبو عبيد وابن جرير والبيهقي من طريق الشعبي عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: "آخر آية أنزلها الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم آية الربا" ، ومثله ما أخرجه البيهقي من طريق ابن المسيب عن عمر بن الخطاب كما قاله محمد بن مسلمة فيما نقله عنه علي بن أحمد الكرباسي أن المراد من هذا أن آخر ما نزل من الآيات في البيوع آية الربا، أو أن المراد إن ذلك من آخر ما نزل كما يصرح به ما أخرجه الإمام أحمد، ولما أمر سبحانه بإنظار المعسر وتأجيله عقبه ببيان أحكام الحقوق المؤاجلة وعقود المداينة فقال عز من قائل:

التالي السابق


الخدمات العلمية