صفحة جزء
كما قال عز وجل: وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى الآية، واسمه قيل: شمعان، وقيل: شمعون بن إسحاق، وقيل: حزقيل، وقيل: غير ذلك وكون هذا الرجل الجائي مؤمن آل فرعون هو المشهور، وقيل: هو غيره، ويسعى بمعنى يسرع في المشي وإنما أسرع لبعد محله ومزيد اهتمامه بإخبارموسى عليه السلام ونصحه، وقيل: يسعى بمعنى يقصد وجه الله تعالى كما في قوله سبحانه: وسعى لها سعيها وهو وإن كان مجازا يجوز الحمل عليه لشهرته.

والظاهر أن من أقصى صلة (جاء) وجملة يسعى صفة رجل ، وجوز أن يكون من أقصى في موضع الصفة ل"رجل"، وجملة يسعى صفة بعد صفة.

وجوز أن تكون الجملة في موضع الحال من "رجل"، أما إذا جعل الجار والمجرور في موضع الصفة منه فظاهر لأنه وإن كان نكرة ملحقا بالمعارف فيسوغ أن يكون ذا حال، وأما إذا كان متعلقا بجاء فمنع ذلك الجمهور وأجازه سيبويه، وجوز أن يعلق الجار والمجرور بيسعى وهو كما ترى قال يا موسى إن الملأ وهم وجوه أهل دولة فرعون يأتمرون بك أي يتشاورن بسببك وإنما سمي التشاور ائتمارا لأن كلا من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر ليقتلوك فاخرج من المدينة قبل أن يظفروا بك إني لك من الناصحين اللام للبيان كما في سقيا لك فيتعلق بمحذوف أعني- أعني- ولم يجوز الجمهور تعلقه بالناصحين لأن أل فيه اسم موصول ومعمول الصلة لا يتقدم الموصول ولا بمحذوف مقدم يفسره المذكور لأن ما لا يعمل لا يفسر عاملا وعند من جوز تقدم معمول الصلة إذا كان الموصول أل خاصة لكونها على صورة الحرف، أو إذا كان المتقدم [ ص: 59 ] ظرفا للتوسع فيه، أو قال: إن أل هنا حرف تعريف لإرادة الثبوت يجوز أن يكون لك متعلقا بالناصحين أو بمحذوف يفسره ذلك.

واستدل القرطبي وغيره بالآية على جواز النميمة لمصلحة دينية

التالي السابق


الخدمات العلمية