صفحة جزء
وما أنتم بمعجزين له تعالى عن إجراء حكمه وقضائه عليكم في الأرض ولا في السماء أي بالهرب في الأرض الفسيحة أو الهبوط في مكان بعيد الغور والعمق بحيث لا يوصل إليه فيها ولا بالتحصن في السماء التي هي أفسح منها أو التي هي أمنع لمن حل فيها عن أن

تناله أيدي الحوادث فيما ترون لو استطعتم الرقي إليها كما في قوله تعالى: إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا [الرحمن: 33] أو البروج والقلاع المرتفعة في جهتها على ما قيل، وهو خلاف الظاهر، وقال ابن زيد والفراء: إن في السماء صلة موصول محذوف هو مبتدأ محذوف الخبر والتقدير ولا من في السماء بمعجز، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها، وضعف بأن فيه حذف الموصول مع بقاء صلته وهو لا يجوز عند البصريين إلا في الشعر كقول حسان:

[ ص: 149 ]

أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء



على ما هو الظاهر فيه، على أن ابن مالك اشترط في جوازه عطف الموصول المحذوف على موصول آخر مذكور كما في هذا البيت، وبأن فيه حذف الخبر أيضا مع عدم الحاجة إليه، ولهذا جعل بعضهم الموصول معطوفا على أنتم ولم يجعله مبتدأ محذوف الخبر ليكون العطف من عطف الجملة على الجملة، وزعم بعضهم أن الموصول محذوف في موضعين وأنه مفعول به لمعجزين وقال: التقدير وما أنتم بمعجزين من في الأرض أي من الإنس والجن ولا من في السماء أي من الملائكة عليهم السلام فكيف تعجزون الله عز وجل، ولا يخفى أن هذا في غاية البعد ولا ينبغي أن يخرج عليه كلام الله تعالى.

وقيل ليس في الآية حذف أصلا، والسماء هي المظلة إلا أن (أنتم) خطاب لجميع العقلاء فيدخل فيهم الملائكة ويكون السماء بالنظر إليهم والأرض بالنظر إلى غيرهم من الإنس والجن وهو كما ترى.

وما لكم من دون الله من ولي يحرسكم من بلاء أرضي أو سماوي ولا نصير يدفعه عنكم

التالي السابق


الخدمات العلمية