صفحة جزء
الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مر بيانه فيما سلف على مذهبي السلف والخلف، ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أي ما لكم مجاوزين الله عز وجل، أي رضاه سبحانه وطاعته تعالى، ولي ولا شفيع، أي لا ينفعكم هذان من الخلق عنده سبحانه، دون رضاه جل جلاله، ( فمن دونه ) حال من مجرور ( لكم )، والعامل الجار أو متعلقه، وعلى هذا المعنى، لا دليل في الخطاب على أنه تعالى شفيع دون غيره، ليقال: كيف ذاك وتعالى جل شأنه أن يكون شفيعا، وكفى في ذلك رده صلى الله عليه وسلم على الأعرابي حيث قال: إنا نستشفع بالله تعالى إليك، وقد يقال: الممتنع اطلاق الشفيع عليه تعالى بمعناه الحقيقي [ ص: 120 ] وأما إطلاقه عليه سبحانه بمعنى الناصر مجازا فليس بممتنع، ويجوز أن يعتبر ذلك هنا، وحينئذ يجوز أن يكون ( من دونه ) حالا مما بعد قدم عليه لأنه نكرة، ودون بمعنى غير، والمعنى ما لكم ولي ولا ناصر غير الله تعالى، ويجوز أن يكون حالا من المجرور كما في الوجه السابق، والمعنى ما لكم إذا جاوزتم ولايته ونصرته جل وعلا ولي ولا ناصر، ويظهر لي أن التعبير بالشفيع هنا من قبيل المشاكلة التقديرية لما أن المشركين المنذرين كثيرا ما كانوا يقولون في آلهتهم هؤلاء شفعاؤنا، ويزعمون أن كل واحد منها شفيع لهم، أفلا تتذكرون أي ألا تسمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون بها، أو أتسمعونها فلا تتذكرون بها، فالإنكار على الأول متوجه إلى عدم السماع، وعدم التذكر معا، وعلى الثاني إلى عدم التذكر مع تحقق ما يوجبه من السماع.

التالي السابق


الخدمات العلمية