صفحة جزء
وإن نشأ إغراقهم نغرقهم في الماء مع ما حملناهم فيه من الفلك وما يركبون [ ص: 28 ] من السفن والزوارق، فالكلام من تمام ما تقدم، فإن كان المراد بما هناك السفن والزوارق فالأمر ظاهر، وإن كان المراد بها الإبل ونحوها كان الكلام من تمام صدر الآية، أي: نغرقهم مع ما حملناهم فيه من الفلك، وكان حديث خلق الإبل ونحوها في البين استطرادا للتماثل، ولما في ذلك من نوع بعد قيل: إن قوله سبحانه وإن نشأ ... إلخ يرجح حمل الفلك على الجنس وما على السفن والزوارق الموجودة بين بني آدم إلى يوم القيامة، وفي تعليق الإغراق بمحض المشيئة إشعار بأنه قد تكامل ما يستدعي إهلاكهم من معاصيهم ولم يبق إلا تعلق مشيئته تعالى به، وقيل: إن في ذلك إشارة إلى الرد على من يتوهم أن حمل الفلك الذرية من غير أن يغرق أمر تقتضيه الطبيعة ويستدعيه امتناع الخلاء، وقرأ الحسن "نغرقهم" بالتشديد. فلا صريخ لهم أي فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق، وتفسير الصريخ بالمغيث مروي عن مجاهد وقتادة ، ويكون بمعنى الصارخ وهو المستغيث ولا يراد هنا، ويكون مصدرا كالصراخ ويتجوز به عن الإغاثة لأن المستغيث ينادي من يستغيث به فيصرخ له ويقول: جاءك العون والنصر. قال المبرد في أول الكامل: قال سلامة بن جندل:


كنا إذا ما أتانا صارخ فزع كان الصراخ له فزع المطانيب



يقول إذا أتانا مستغيث كانت إغاثته الجد في نصرته، وجوز إرادته هنا أي فلا إغاثة لهم ولا هم ينقذون أي ينجون من الموت به بعد وقوعه

التالي السابق


الخدمات العلمية