صفحة جزء
إن المتقين في مقام في موضع قيام، والمراد بالقيام الثبات والملازمة كما في قوله تعالى: ما دمت عليه قائما ويكنى به عن الإقامة لأن المقيم ملازم لمكانه، وهو مراد من قال: في مقام أي موضع إقامة.

وقرأ عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. وزيد بن علي . وأبو جعفر . وشيبة . والأعرج . والحسن . وقتادة . ونافع . وابن عامر (مقام) بضم الميم ومعناه موضع إقامة، وعلى ما قررنا ترجع القراءتان إلى معنى واحد.

أمين يأمن صاحبه مما يكره فهو صفة من الأمن وهو عدم الخوف عما هو من شأنه، ووصف المقام به باعتبار أمن من آمن به فهو إسناد مجازي كما في نهر جار، وظاهر كلام الزمخشري أن ذلك استعارة من الأمانة كأن المكان مؤتمن وضع عنده ما يحفظه من المكاره ففيه استعارة مكنية وتخييلية، وقال ابن عطية : فعيل بمعنى مفعول أي مأمون فيه وليس بذاك، وجوز أن يكون للنسبة أي ذي أمن في جنات وعيون بدل من (مقام) بإعادة الجار أو الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور، وظرفية العيون للمجاورة، والظاهر [ ص: 135 ] أنه بدل اشتمال لا كل وبعض، وفي ذلك دلالة على نزاهة مكانهم واشتماله على ما يستلذ من المآكل والمشارب.

التالي السابق


الخدمات العلمية