صفحة جزء
وخلق الله السماوات والأرض بالحق كأنه دليل على إنكار حسبانهم السابق أو دليل على تساوي محيا كل فريق ومماته وبيان لحكمته على تقدير كون قوله تعالى: سواء محياهم ومماتهم استئنافا وذلك من حيث إن خلق العالم بالحق المقتضي للعدل يستدعي انتصاف المظلوم من الظالم والتفاوت بين المسيء والمحسن وإذا لم يكن في المحيا كان بعد الممات حتما ولتجزى كل نفس بما كسبت عطف على بالحق لأنه في معنى العلة سواء كانت الباء للسببية الغائية أو الملابسة، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأن المعنى خلقها ملتبسة ومقرونة بالحكمة والصواب دون العبث والباطل وحاصله خلقها لأجل ذلك أو عطف على علة محذوفة مثل ليدل سبحانه بها على قدرته أو ليعدل، وما موصولة أو مصدرية أي ليجزي كل نفس بالذي كسبته أو بكسبها وهم أي النفوس المدلول عليها بكل نفس لا يظلمون بنقص ثواب وتضعيف عذاب، والجملة في موضع الحال، وتسمية ذلك ظلما مع أنه ليس كذلك لأنه منه سبحانه تصرف في ملكه والظلم صرف في ملك الغير بغير إذنه لأنه لو فعله غيره عز وجل كان ظلما [ ص: 152 ] فالكلام على الاستعارة التمثيلية أو أنه لما كان مخالفا لوعده سبحانه الحق سماه تعالى ظلما.

التالي السابق


الخدمات العلمية