صفحة جزء
والفاء في قوله تعالى: فلما رأوه عارضا فصيحة أي فأتاهم فلما رأوه، وضمير النصب قيل راجع إلى (ما) في بما تعدنا وكون المرئي هو الموعود باعتبار المآل والسببية له وإلا فليس هو المرئي حقيقة، وجوز الزمخشري أن يكون مبهما يفسره عارضا وهو إما تمييز وإما حال، ثم قال: وهذا الوجه أعرب أي أبين وأظهر لما أشرنا إليه في الوجه الأول من الخفاء وأفصح لما فيه من البيان بعد الإبهام والإيضاح غب التعمية.

وتعقبه أبو حيان بأن المبهم الذي يفسره ويوضحه التمييز لا يكون إلا في باب رب نحو ربه رجلا لقيته وفي باب نعم [ ص: 26 ] وبئس على مذهب البصريين نحو نعم رجلا زيد وبئس غلاما عمرو ، وأما أن الحال توضح المبهم وتفسره فلا نعلم أحدا ذهب إليه، وقد حصر النحاة المضمر الذي يفسره ما بعده فلم يذكروا فيه مفعول رأى إذا كان ضميرا ولا أن الحال يفسر الضمير ويوضحه، وأنت تعلم جلالة جار الله وإمامته في العربية، والعارض السحاب الذي يعرض في أفق السماء، ومنه قول الشاعر:


يا من رأى عارضا أرقت له بين ذراعي وجبهة الأسد



وقول الأعشى:


يا من رأى عارضا قد بت أرمقه     كأنما البرق في حافاته الشعل



مستقبل أوديتهم أي متوجه أوديتهم وفي مقابلتها وهي جمع واد وأفعلة في جمع فاعل الاسم شاذ نحو ناد وأندية وجائز للخشبة الممتدة في أعلى السقف وأجوزة والإضافة لفظية كما في قوله تعالى: قالوا هذا عارض ممطرنا ولذلك وقعا صفتين للنكرة وأطلق عليها الزمخشري مجازية ووجه التجوز أن هذه الإضافة للتوسع والتخفيف حيث لم تفد فائدة زائدة على ما كان قبل فكما أن إجراء الظرف مجرى المفعول به مجاز كذلك إجراء المفعول أو الفاعل مجرى المضاف إليه في الاختصاص ولم يرد أنها من باب الإضافة لأدنى ملابسة.

بل هو ما استعجلتم به أي من العذاب والكلام على إضمار القول قبله أي قال هود بل هو إلخ لأن الخطاب بينه وبينهم فيما سبق ويؤيده أنه قرئ كذلك وقدره بعضهم قل بل هو إلخ للقراءة به أيضا والاحتياج إلى ذلك لأنه إضراب ولا يصلح أن يكون من مقول من قال هذا عارض ممطرنا وقدر البغوي قال الله بل هو إلخ وينفك النظم الجليل عليه كما لا يخفى. وقرئ (بل ما استعجلتم) أي بل هو، وقرأ قوم (ما استعجلتم) بضم التاء وكسر الجيم ريح بدل من ( ما ) أو من ( هو ) أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي أو هو ريح فيها عذاب أليم صفة ( ريح ) لكونه جملة بعد نكرة وكذا قوله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية