وقوله تعالى : 
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى بيان لعدم إثابة الإنسان بعمل غيره إثر بيان عدم مؤاخذته بذنب غيره ( وأن ) كأختها السابقة ، وما مصدرية وجوز كونها موصولة أي ليس له إلا سعيه ، أو إلا الذي سعى به وفعله ، واستشكل بأنه وردت أخبار صحيحة بنفع الصدقة عن الميت ، منها ما أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم   nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري   nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  nindex.php?page=hadith&LINKID=651299عن  nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  «أن رجلا قال لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال : نعم » وكذا بنفع الحج  . 
أخرج 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=656205«أتى رجل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن أختي نذرت لأن تحج وأنها ماتت فقال النبي عليه الصلاة والسلام : لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ قال : نعم قال : فحق الله أحق بالقضاء » وأجيب بأن الغير لما نوى ذلك الفعل له صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه شرعا فكأنه بسعيه ، وهذا لا يتأتى إلا بطريق عموم المجاز ، أو الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه ، وأجيب أيضا بأن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه من الإيمان فكأنه سعيه ، ودل على بنائه على ذلك ما أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  عن 
عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده 
nindex.php?page=hadith&LINKID=687262أن العاص بن وائل  نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وأن هشاما  ابنه نحو حصته خمسين وأن عمرا  سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك فقال : «وأما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك » وأجيب بهذا عما قيل : إن تضعيف الثواب الوارد في الآيات ينافي أيضا القصر على سعيه وحده ، وأنت تعلم ما في الجواب من النظر ، وقال بعض أجلة المحققين إنه ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الانتفاع بعمل الغير وهو ينافي ظاهر الآية فتقيد بما لا يهبه العامل ، وسأل والي 
خراسان  عبد الله بن طاهر  الحسين بن الفضل  عن هذه الآية مع قوله تعالى : 
والله يضاعف لمن يشاء  [البقرة : 261] فقال : ليس له بالعدل إلا ما سعى وله بالفضل ما شاء الله تعالى فقبل 
عبد الله  رأس 
 nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين  وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة   : كان هذا الحكم في قوم 
إبراهيم  وموسى  عليهما السلام ، وأما هذه الأمة فللإنسان منها سعي غيره يدل عليه 
حديث  nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة  «هل لأمي إذا تطوعت عنها ؟ قال صلى الله تعالى عليه وسلم : نعم » وقال 
الربيع   : الإنسان هنا الكافر ، وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره ، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  أن الآية منسوخة بقوله تعالى : 
والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم  [الطور : 21] وقد أخرج عنه ما يشعر به 
 nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود   [ ص: 67 ] والنحاس  كلاهما في الناسخ ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير   nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر   nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه  ، وتعقب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان  رواية النسخ بأنها لا تصح لأن الآية خبر لم تتضمن تكليفا ولا نسخ في الأخبار . وما يتوهم جوابا من أنه تعالى أخبر في شريعة 
موسى  وإبراهيم  عليهما السلام أن لا يجعل الثواب لغير العامل ثم جعله لمن بعدهم من أهل شريعتنا مرجعه إلى تقييد الأخبار لا إلى النسخ إذ حقيقته أن يراد المعنى ، ثم من بعد ذلك ترتفع إرادته ، وهذا تخصيص الإرادة بالنسبة إلى أهل الشرائع فافهمه ، وقيل : اللام بمعنى على أي ليس على الإنسان غير سعيه ، وهو بعيد من ظاهرها ومن سياق الآية أيضا فإنها وعظ للذي تولى وأعطى قليلا وأكدى ، والذي أميل إليه كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين  ، ونحوه كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية  قال : والتحرير عندي في هذا الآية أن ملاك المعنى هو اللام من قوله سبحانه : ( للإنسان ) فإذا حققت الشيء الذي حق الإنسان أن يقول فيه لي كذا لم تجده إلا سعيه وما يكون من رحمة بشفاعة ، أو رعاية أب صالح ، أو ابن صالح ، أو تضعيف حسنات ، أو نحو ذلك فليس هو للإنسان ولا يسعه أن يقول لي كذا وكذا إلا على تجوز ، وإلحاق بما هو حقيقة انتهى . 
ويعلم من مجموع ما تقدم أن استدلال 
المعتزلة  بالآية على أن 
العبد إذا جعل ثواب عمله أي عمل كان لغيره لا ينجعل ويلغو جعله غير تام وكذا استدلال 
الإمام الشافعي  بها على أن 
ثواب القراءة لا تلحق الأموات  - وهو مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك   - بل قال 
الإمام ابن الهمام   : إن 
مالكا   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  لا يقولان بوصول العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة بل غيرها كالصدقة والحج ، وفي الأذكار 
للنووي  عليه الرحمة المشهور من مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  رضي الله تعالى عنه وجماعة أنها لا تصل ، وذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل  وجماعة من العلماء ومن أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  إلى أنه تصل ، فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان ، والظاهر أنه إذا قال ذلك ونحوه كوهبت ثواب ما قرأته لفلان بقلبه كفى ، وعن بعضهم اشتراط نية النيابة أول القراءة وفي القلب منه شيء ، ثم الظاهر أن ذلك إذا لم تكن القراءة بأجرة أما إذا كانت بها كما يفعله أكثر الناس اليوم فإنهم يعطون حفظة القرآن أجرة ليقرؤوا لموتاهم فيقرؤون لتلك الأجرة فلا يصل ثوابها إذ لا ثواب لها ليصل لحرمة 
أخذ الأجرة على قراءة القرآن وإن لم يحرم على تعليمه كما حققه خاتمة الفقهاء المحققين 
الشيخ محمد الأمين بن عابدين الدمشقي  رحمه الله تعالى ، وفي الهداية من كتاب الحج عن الغير إطلاق صحة 
جعل الإنسان عمله لغيره ولو صلاة وصوما عند 
أهل السنة والجماعة  ، وفيه ما علمت ما مر آنفا . وقال 
الخفاجي   : هو محتاج إلى التحرير وتحريره أن محل الخلاف العبادة البدنية هل تقبل النيابة فتسقط عمن لزمته فعل غيره سواء كان بإذنه أو لا بعد حياته أم لا فهذا وقع في الحج كما ورد في الأحاديث الصحيحة ، أما الصوم فلا ، وما ورد في حديث 
nindex.php?page=hadith&LINKID=651816«من مات وعليه صيام صام عنه وليه » وكذا غيره من العبادات فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي   : إنه كان في صدر الإسلام ثم نسخ وليس الكلام في الفدية وإطعام الطعام فإنه بدل وكذا إهداء الثواب سواء كان بعينه أو مثله فإنه دعاء وقبوله بفضله عز وجل كالصدقة عن الغير فاعرفه انتهى فلا تغفل . 
وأن سعيه سوف يرى أي يعرض عليه ويكشف له يوم القيامة في صحيفته وميزانه من أريته الشيء ، وفي البحر يراه حاضرو القيامة ويطلعون عليه تشريفا للمحسن وتوبيخا للمسيء .