صفحة جزء
ولقد جاءهم في القرآن من الأنباء أي أخبار القرون الخالية أو أخبار الآخرة ، والجار والمجرور [ ص: 79 ] في موضع الحال من ما في قوله عز وجل : ما فيه مزدجر قدم عليه رعاية للفاصلة وتتويقا إليه ( ومن ) للتبعيض ، أو للتبيين بناء على المختار من جواز تقديمه على المبين ، قال الرضي : إنما جاز تقديم ( من ) المبينة على المبهم في نحو - عندي من المال ما يكفي - لأنه في الأصل صفة لمقدر أي شيء من المال ، والمذكور عطف بيان للمبين المقدر قبلها ليحصل البيان بعد الإبهام أي بالله لقد جاءهم كائنا من الأنباء ما فيه ازدجار لهم ومنع عما هم فيه من القبائح ، أو موضع ازدجار ومنع ، وهي أنباء التعذيب ، أو أنباء الوعيد ، وأصل مزدجر مزتجر بالتاء موضع الدال وتاء الافتعال تقلب دالا مع الدال والذال والراء للتناسب ، وقرئ مزجر بقلبها زايا وإدغام الزاي فيها ، وقرأ زيد بن علي مزجر اسم فاعل من أزجر أي صار ذا زجر كأعشب صار ذا عشب حكمة بالغة أي واصلة غاية الإحكام لا خلل فيها ، ورفع حكمة على أنها بدل كل ، أو اشتمال من ما ، وقيل : من مزدجر أو خبر مبتدأ محذوف أي هي ، أو هذه على أن الإشارة لما يشعر به الكلام من إرسال الرسل وإيضاح الدليل والإنذار لمن مضى ، أو إلى ما في الأنباء ، أو إلى الساعة المقتربة ، والآية الدالة عليها - كما قاله الإمام وتقدم آنفا - احتمال كونها خبرا عن كل في قراءة زيد ، وقرأ اليماني ( حكمة بالغة ) بالنصب حالا من ما فإنها موصولة أو نكرة موصوفة ، ويجوز مجيء الحال منها مع تأخرها أو هو بتقدير أعني .

التالي السابق


الخدمات العلمية