صفحة جزء
كذبت قبلهم قوم نوح شروع في تعداد بعض ما ذكر من الأنبياء الموجبة للازدجار ونوع تفصيل لها وبيان لعدم تأثرهم بها تقريرا لفحوى قوله تعالى : فما تغن النذر والفعل منزل منزلة اللازم أي فعلت التكذيب قبل تكذيب قومك قوم نوح : وقوله تعالى : فكذبوا عبدنا تفسير لذلك التكذيب المبهم كما في قوله تعالى : ونادى نوح ربه فقال [هود : 45] إلخ ، وفيه مزيد تحقيق وتقرير للتكذيب ، وجوز أن يكون المعنى كذبوا تكذيبا إثر تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب جاء عقيبه قرن آخر مكذب مثله ، أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا أي لما كانوا مكذبين للرسل جاحدين للنبوة رأسا كذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل ، والفاء عليه سببية ، وقيل : معنى كذبت قصدت التكذيب وابتدأته ، ومعنى فكذبوا أتموه وبلغوا نهايته كما قيل في قوله : وقد جبر الدين الإله فجبر وفي ذكره عليه السلام بعنوان العبودية مع الإضافة إلى نون العظمة تفخيم له عليه السلام ورفع لمحله وتشنيع لمكذبيه . وقالوا مجنون أي لم يقتصروا على مجرد التكذيب بل نسبوه إلى الجنون فقالوا هو مجنون وازدجر عطف على - قالوا - وهو إخبار منه عز وجل أي وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية والتخويف قاله ابن زيد ، وقرأ لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين [الشعراء : 116] وقال مجاهد : هو من تمام قولهم أي هو مجنون ، وقد ازدجرته الجن وذهبت بلبه وتخبطته ، والأول أظهر وأبلغ ، وجعل مبنيا للمفعول لغرض الفاصلة ، وطهر الألسنة عن ذكرهم دلالة على أن فعلهم أسوأ من قولهم

التالي السابق


الخدمات العلمية