صفحة جزء
ثم إنكم أيها الضالون عطف على إن الأولين داخل في حيز القول ، ( وثم ) للتراخي الزماني أو الرتبي المكذبون بالبعث ، أو بما يعمه وغيره ويدخل هو دخولا أوليا للسياق على ما قيل ، والخطاب لأهل مكة وأضرابهم لآكلون بعد البعث والجمع ودخول جهنم من شجر من زقوم من الأولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره أي مبتدئون للأكل من شجر هو زقوم ، وجوز كون الأولى تبعيضية ( ومن ) الثانية على حالها ، وجوز كون من زقوم بدلا من قوله تعالى : من شجر فمن تحتمل الوجهين ، وقيل : الأولى زائدة ، وقرأ عبد الله من شجرة فوجه التأنيث ظاهر في قوله تعالى : فمالئون منها البطون أي بطونكم من شدة الجوع فإنه الذي اضطرهم وقسرهم على أكل مثلها مما [ ص: 146 ] لا يؤكل ، وأما على قراءة الجمهور فوجهه الحمل على المعنى لأنه بمعنى الشجرة ، أو الأشجار إذا نظر لصدقه على المتعدد ، وأما التذكير على هذه القراءة في قوله سبحانه : فشاربون عليه أي عقيب ذلك بلا ريث من الحميم أي الماء الحار في الغاية لغلبة العطش فظاهر لا يحتاج إلى تأويل ، وقال بعضهم : التأنيث أولا باعتبار المعنى والتذكير ثانيا باعتبار اللفظ ، فقيل عليه : إن فيه اعتبار اللفظ بعد اعتبار المعنى على خلاف المتعارف فلو أعيد الضمير المذكور على الشجر باعتبار كونه مأكولا ليكون التذكير والتأنيث باعتبار المعنى كان أولى وفيه بحث ، ووجهه على القراءة الثانية أن الضمير عائد على الزقوم أو على الشجر باعتبار أنها زقوم أو باعتبار أنها مأكول ، وقيل : هو مطلقا عائد على الأكل ، وتعقب بأنه بعيد لأن الشرب عليه لا على تناوله مع ما فيه من تفكيك الضمائر وكونه مجازا شائعا وغير ملبس لا يدفع البعد فتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية