واللائي يئسن من المحيض أي الحيض ، وقرئ - ييأسن - مضارعا 
من نسائكم لكبرهن ، وقد قدر بعضهم 
سن اليأس بستين سنة ، وبعضهم بخمس وخمسين ، وقيل : هو غالب سن يأس عشيرة المرأة ، وقيل غالب سن يأس النساء في مكانها التي هي فيه فإن المكان إذا كان طيب الهواء والماء - كبعض الصحارى - يبطئ فيه سن اليأس ، وقيل : أقصى عادة امرأة في العالم ، وهذا القول - بالغ درجة اليأس - من أن يقبل 
إن ارتبتم أي إن شككتم وترددتم في عدتهن ، أو إن جهلتم عدتهن 
فعدتهن ثلاثة أشهر أخرج 
 nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم  وصححه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي  في سننه . وجماعة عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب   [ ص: 137 ] 
أن ناسا من أهل 
المدينة  لما نزلت هذه الآية التي في البقرة في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء عدد لم تذكر في القرآن الصغار والكبار اللاتي قد انقطع عنهن الحيض وذوات الحمل ، فأنزل الله تعالى في سورة النساء القصرى 
واللائي يئسن الآية ، وفي رواية أن قوما منهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب  وخلاد بن النعمان  لما سمعوا قوله تعالى : 
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء  [البقرة : 228] قالوا : يا رسول الله فما 
عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر ؟ فنزل 
واللائي يئسن إلخ ، فقال قائل : فما 
عدة الحامل ؟ فنزل 
وأولات الأحمال إلخ . 
ويعلم مما ذكر أن الشرط هنا لا مفهوم له عند القائلين بالمفهوم لأنه بيان للواقعة التي نزل فيها من غير قصد للتقييد ، وتقدير متعلق الارتياب ما سمعت هو ما أشار إليه الطبري وغيره ، وقيل : 
إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس أهو دم حيض أو استحاضة فعدتهن إلخ ، وإذا كانت هذه عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج   : المعنى 
إن ارتبتم في حيضهن وقد انقطع عنهن الدم وكن ممن يحيض مثلهن ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد   : الآية واردة في المستحاضة أطبق بها الدم لا تدري أهو دم حيض أو دم علة ، وقيل : 
إن ارتبتم أي إن تيقنتم إياسهن ، والارتياب من الأضداد والكل كما ترى . 
والموصول قالوا : إنه مبتدأ خبره جملة 
فعدتهن إلخ ، " وإن ارتبتم " شرط جوابه محذوف تقديره فاعلموا أنها ثلاثة أشهر ، والشرط وجوابه جمل معترضة ، وجوز كون 
فعدتهن إلخ جواب الشرط باعتبار الإعلام والإخبار كما في قوله تعالى : 
وما بكم من نعمة فمن الله  [النحل : 53] والجملة الشرطية خبر من غير حذف وتقدير ، وقوله تعالى : 
واللائي لم يحضن مبتدأ خبره محذوف أي واللائي لم يحضن كذلك أو عدتهن ثلاثة أشهر ، والجملة معطوفة على ما قبلها ، وجوز عطف هذا الموصول على الموصول السابق وجعل الخبر لهما من غير تقدير ، والمراد - باللائي لم يحضن -الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض . 
واستظهر 
 nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان  شموله من لم يحضن لصغر ومن لا يكون لهن حيض البتة كبعض النساء يعشن إلى أن يمتن ولا يحضن ، ومن أتى عليها زمان الحيض وما بلغت به ولم تحض ، ثم قال : وقيل : هذه تعتد سنة . 
وأولات الأحمال أجلهن أي منتهى عدتهن 
أن يضعن حملهن ولو نحو مضغة وعلقة ولا فرق في ذلك بين أن يكن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن كما روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  وابنه ، فقد أخرج 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  وعبد الرزاق   nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة   nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال : إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من 
الأنصار  أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  قال : لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت ، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  فقد أخرج عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي   nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  أنه قال : من شاء لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى 
وأولات الأحمال إلخ نزلت بعد سورة البقرة بكذا وكذا شهرا 
وكل مطلقة أو متوفى عنها زوجها فأجلها أن تضع حملها ، وفي رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري  بسبع سنين ولعله لا يصح ، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  وأبي مسعود البدري   nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة   - وإليه ذهب فقهاء الأمصار - وروي ذلك عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، أخرج 
 nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد  في زوائد المسند 
 nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى   nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء  في المختارة 
 nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه  nindex.php?page=hadith&LINKID=66312عن  nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب  قال : قلت للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن أهي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها ؟ قال : «هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها » وروى جماعة نحوه  
[ ص: 138 ] 
عنه من وجه آخر ، وصح 
أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية  كانت تحت سعد بن خولة  فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فوضعت بعد وفاته بثلاثة وعشرين يوما ، وفي رواية بخمس وعشرين ليلة ، وفي أخرى بأربعين ليلة فاختضبت وتكحلت وتزينت تريد النكاح فأنكر ذلك عليها فسئل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : «إن تفعل فقد خلا أجلها » وذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  كرم الله تعالى وجهه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  رضي الله تعالى عنهما إلى أن الآية في المطلقات ، وأما المتوفى عنها زوجها فعدتها آخر الأجلين ، وهو مذهب 
الإمامية  كما في مجمع البيان . 
وعلى ما تقدم فالآية ناسخة لقوله تعالى : 
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن  [البقرة : 234] الآية على رأي أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ومن وافقهم من الشافعية لأن العام المطلق المتأخر ناسخ عندهم فأولى أن يكون العام من وجه كذلك ، وأما من لم يذهب إليه فمن لم يجوز تأخير بيان العام قال : بالنسخ أيضا لأن العام الأول حينئذ مراد تناوله لأفراده ، وفي مثله لا خلاف في أن الخاص المتراخي ناسخ بقدره لا مخصص ، ومن جوز ذهب إلى التخصيص بناء على أن التي في القصرى أخص مطلقا ، ووجهه أنه ذكر في البقرة حكم المطلقات من النساء وحكم المتوفى عنهن الأزواج على التفريق ، ثم وردت هذه مخصصة في البابين لشمول لفظ الأجل العدتين ، وخصوص - أولات الأحمال - مطلقا بالنسبة إلى الأرواح ، وهذا كما يقول القائل : هندية الموالي لهم كذا وتركيتهم لهم كذا لجنس آخر ، ثم يقول : والكهول منهم لهم دون ذلك أو فوقه أو كذا مريدا صنفا آخر يكون الأخير مخصصا للحكمين ، ولا نظر إلى اختلاف العطايا لشمول اللفظ الدال على الاختصاص وخصوص الكهول من الموالي مطلقا كذلك فيما نحن فيه لا نظر إلى اختلاف العدتين لشمول لفظ الأجل ، وخصوص - أولات الأحمال - بالنسبة إلى الأزواج مطلقا ، وإن شئت فقل : بالنسبة إلى المطلقات والمتوفى عنهن رجالهن مطلقا فلا فرق - قاله في الكشف - ثم قال : ومن ذهب إلى أبعد الأجلين احتج بأن النصين متعاضدان لأن بينهما عموما وخصوصا من وجه ولا وجه للإلغاء فيلزم الجمع ، وفي القول بذلك يحصل الجمع لأن مدة الحمل إذا زادت فقد تربصت أربعة أشهر وعشرا مع الزيادة وإن قصرت وتربصت المدة فقد وضعت وتربصت فيحصل العمل بمقتضى الآيتين ، والجواب أنه إلغاء للنصين لا جمع إذ المعتبر الجمع بين النصين لا بين المدتين وذلك لفوات الحصر والتوقيت الذي هو مقتضى الآيتين . اهـ فتدبر . 
وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك  «أحمالهن » جمعا 
ومن يتق الله في شأن أحكامه تعالى ومراعاة حقوقها : 
يجعل له من أمره يسرا بأن يسهل عز وجل أمره عليه ، وقيل : اليسر الثواب " ومن " قيل : للبيان قدم على المبين للفاصلة ، وقيل : بمعنى في ، وقيل :