صفحة جزء
وإذا العشار جمع عشراء كنفاس جمع نفساء وهي الناقة التي أتى عليها من يوم أرسل فيها الفحل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع، وقد يقال لها ذلك بعد ما تضع أيضا وهي أنفس ما يكون عند أهلها وأعز شيء عليهم عطلت تركت مهملة لا راعي لها ولا طالب، وقيل: عطلها أهلها عن الحلب والصر، وقيل: عن أن يرسل فيها الفحول؛ وذلك إذا كان قبيل قيام القيامة لاشتغال أهلها بما عراهم مما يكون إذا ذاك. وقيل: إن هذا التعطيل يوم القيامة، فقال القرطبي: الكلام على التمثيل إذ لا عشار حينئذ، والمعنى أنه لو كانت عشار لعطلها أهلها واشتغلوا بأنفسهم، وقيل على الحقيقة؛ أي: إذا قاموا من القبور وشاهدوا الوحوش والأنعام والدواب محشورة ورأوا عشارهم التي كانت كرائم أموالهم فيها لم يعبؤوا بها لشغلهم بأنفسهم وهو كما ترى. وقيل: المراد بالعشار السحاب على تشبيه السحابة المتوقع مطرها بالناقة العشراء القريب وضع حملها وفيه استعارة لطيفة مع المناسبة التامة بينه وبين ما قبله؛ فإن السحب تنعقد على رؤوس الجبال، وترى عندها وألا ينافيه كونه مناسبا لما بعده على الأول فإنه معنى حقيقي مرجح بنفسه، وتعطيلها مجاز عن عدم ارتقاب مطرها لأنهم في شغل عنه.

وقيل عن عدم إمطارها وقيل: هي الديار تعطل فلا تسكن، وقيل: الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع.

وقرأ مضر اليزيدي: «عطلت» بالتخفيف والبناء للمجهول، ونقله في اللوامح عن ابن كثير ثم قال: هو وهم، إنما «عطلت» بفتحتين بمعنى تعطلت؛ لأن تشديده للتعدية، يقال: عطلت الشيء وأعطلته فعطل بنفسه وعطلت المرأة فهي عاطل إذا لم يكن عليها حلي فلعل هذه القراءة لغة استوى فيها فعلت وأفعلت؛ أي: في التعدي، وقيل: الأظهر أنه عدي بالحرف ثم حذف وأوصل الفعل بنفسه.

التالي السابق


الخدمات العلمية