صفحة جزء
وليال عشر هن العشر الأولى من الأضحى كما أخرج الحاكم وصححه وجماعة عن ابن عباس، وروي عن ابن الزبير ومسروق ومجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم.

وأخرج ذلك أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبزار وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن جابر يرفعه، ولها من الفضل ما لها.

وقد أخرج أحمد والبخاري عن ابن عباس مرفوعا: «ما من أيام فيهن العمل أحب إلى الله عز وجل وأفضل من أيام العشر» قيل: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل جاهد في سبيل الله بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».

وأخرج ابن المنذر وابن أبي [ ص: 120 ] حاتم عن ابن عباس أنهن العشر الأواخر من رمضان. وروي أيضا عن الضحاك بل زعم التبريزي الاتفاق على أنهن هذه العشر وأنه لم يخالف فيه أحد، واستدل له بعضهم بالحديث المتفق على صحته.

قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا دخل العشر - تعني العشر الأواخر من رمضان - شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله.

وتعقبه بعضهم بأن ذلك محتمل لأن يحظى عليه الصلاة والسلام بليلة القدر؛ لأنها فيها لا لكونه العشر المرادة هنا. وعن ابن جريج أنهن العشر الأول من رمضان، وعن يمان وجماعة أنهن العشر الأول من المحرم وفيها يوم عاشوراء، وقد ورد في فضله ما ورد.

أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما هذا اليوم الذي تصومونه؟» قالوا: يوم عظيم أنجى الله تعالى فيه موسى وأغرق آل فرعون فيه، فصامه موسى عليه السلام شكرا. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «فنحن أحق بموسى منكم» فصامه صلى الله تعالى عليه وسلم وأمر بصيامه.

وصح في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: «من كان أصبح صائما فليتم يومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه». فكان الصحابة بعد ذلك يصومونه ويصومونه صبيانهم الصغار، ويذهبون بهم إلى المسجد ويجعلون لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه إياها حتى يكون الإفطار.

وأخرج أحمد وغيره عن الحبر قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما».

وجاء في الأمر بالتوسعة فيه على العيال عدة أحاديث ضعيفة لكن قال البيهقي: هي وإن كانت ضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحد قوة، وأيا ما كان فتنكيرها للتفخيم وقل للتبعيض؛ لأنها بعض ليالي السنة أو الشهر، والتفخيم أولى. قيل: ولولا قصد ما ذكر كان الظاهر تعريفها كأخواتها؛ لأنها ليال معهودة معينة، وقدر بعضهم على إرادة صلاة الفجر فيما مر مضافا هنا؛ أي: وعبادة ليال، ويقال نحوه فيما بعد على بعض الأقوال فيه وليس بلازم ولا أثر فيه. وقرأ ابن عباس بالإضافة فضبطه بعضهم: وليال عشر بلازم دون ياء وبعضهم «وليالي عشر» بالياء وهو القياس والمراد وليالي أيام عشر، فحذف الموصوف وهو المعدود وفي مثل ذلك يجوز التاء وتركها في العدد ومنه: «وأتبعه بست من شوال» وما حكاه الكسائي ضمنا من الشهر خمسا، والمرجح للترك هاهنا وقوعه فاصلة، وجوز أن تكون بالإضافة بيانية وهو خلاف الظاهر.

التالي السابق


الخدمات العلمية