صفحة جزء
ومن باب الإشارة والتأويل، وإذ نجيناكم من قوى فرعون النفس الأمارة المحجوبة بأنانيتها والنظر إلى نفسها المستعلية على إهلاك الوجود، (ومصر) مدينة البدن المستعبدة، وهي وقواها من الوهم، والخيال، والغضب، والشهوة، القوى الروحانية التي هي أبناء صفوة الله تعالى يعقوب، الروح والقوى الطبيعية البدنية من الحواس الظاهرة والقوى النباتية أولئك يكلفونكم المتاعب الصعبة، والأعمال الشاقة من جمع المال، والحرص وترتيب الأقوات والملابس وغير ذلك، ويستعبدونكم بالتفكر فيها، والاهتمام بها، لتحصل لكم لذة هي في الحقيقة عذاب وذلة، لأنها تمنعكم عن مشاهدة الأنوار، والتمتع بدار القرار، يذبحون أبناءكم التي هي القوى الروحانية من القوى النظرية التي هي العين اليمنى للقلب، والعملية التي هي العين اليسرى له، والفهم الذي هو سمعه، والسر الذي هو قلبه، ويستحيون قواكم الطبيعية ليستخدموها، ويمنعوها عن أفعالها اللائقة بها، وفي ذلك الإنجاء نعمة عظيمة من ربكم المرقي لكم من مقام إلى مقام، ومشهد إلى مشهد حتى تصلوا إليه، وتحطوا رحالكم بين يديه، أو في مجموع ذلك امتحان لكم، وظهور آثار الأسماء [ ص: 255 ] المختلفة عليكم، فاشكروا واصبروا، فالكل منه، وكل ما فعل المحبوب محبوب.

التالي السابق


الخدمات العلمية