صفحة جزء
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه [ ص: 281 ] ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون

قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن اختلفوا فيها على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها في جميع المشركات الكتابيات وغير الكتابيات ، وأن حكمها غير منسوخ ، فلا يجوز لمسلم أن ينكح مشركة أبدا ، وذكر أن طلحة بن عبيد الله نكح يهودية ، ونكح حذيفة نصرانية ، فغضب عمر بن الخطاب غضبا شديدا ، حتى كاد يبطش بهما ، فقالا: نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب ، فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ، ولكن ينزعن منكم صغرة قمأة. والثاني: أنها نزلت مرادا بها مشركات العرب ، ومن دان دين أهل الكتاب ، وأنها ثابتة لم ينسخ شيء منها ، وهذا قول قتادة ، وسعيد بن جبير . والثالث: أنها عامة في جميع المشركات ، وقد نسخ منهن الكتابيات ، بقوله تعالى في المائدة: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وقد روى الصلت بن بهرام ، عن سفيان قال: تزوج حذيفة بن اليمان يهودية ، فكتب إليه عمر بن الخطاب ، خل سبيلها ، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام ، ولكني أخاف أن تقاطعوا المؤمنات منهن ، والمراد بالنكاح التزويج ، وهو حقيقة في اللغة ، وإن كان مجازا في الوطء ، قال الأعشى:


ولا تقربن جارة إن سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا



أي فتزوج أو تعفف. قوله تعالى: ولأمة مؤمنة خير من مشركة يعني: ولنكاح أمة مؤمنة ، خير من نكاح حرة مشركة من غير أهل الكتاب وإن شرف نسبها وكرم أصلها ، قال السدي: نزلت هذه الآية في عبد الله بن رواحة ، كانت له أمة سوداء ، فلطمها في غضب ، ثم ندم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: (ما هي يا عبد الله؟) قال: تصوم ، وتصلي ، وتحسن الوضوء ، وتشهد الشهادتين ، فقال رسول الله: (هذه [ ص: 282 ]

مؤمنة) . فقال ابن رواحة: لأعتقنها ولأتزوجها ، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين ، فأنزل الله تعالى هذا.
ولو أعجبتكم يعني جمال المشركة وحسبها ومالها. ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا هذا على عمومه إجماعا ، لا يجوز لمسلمة أن تنكح مشركا أبدا. روى الحسن عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا) وفي هذا دليل على أن أولياء المرأة أحق بتزويجها من المرأة.

التالي السابق


الخدمات العلمية