صفحة جزء
ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين

قوله عز وجل: ونادى فرعون في قومه فيه وجهان:

أحدهما: أن معنى نادى أي قال ، قاله أبو مالك.

الثاني: أمر من نادى في قومه ، قاله ابن جريج . قال يا قوم أليس لي ملك مصر فيه قولان:

أحدهما: أنها الإسكندرية ، قاله مجاهد .

الثاني: أنه ملك منها أربعين فرسخا في مثلها ، حكاه النقاش . [ ص: 230 ] وهذه الأنهار تجري من تحتي فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: كانت جنات وأنهارا تجري من تحت قصره ، قاله قتادة . وقيل من تحت سريره.

الثاني: أنه أراد النيل يجري من تحتي أي أسفل مني.

الثالث: أن معنى قوله وهذه الأنهار تجري من تحتي أي القواد والجبابرة يسيرون تحت لوائي ، قاله الضحاك .

ويحتمل رابعا: أنه أراد بالأنهار الأموال ، وعبر عنها بالأنهار لكثرتها وظهورها وقوله تجري من تحتي أي أفرقها على من يتبعني لأن الترغيب والقدرة في الأموال في الأنهار. أفلا تبصرون يحتمل وجهين:

أحدهما: أفلا تبصرون إلى قوتي وضعف موسى؟ .

الثاني: قدرتي على نفعكم وعجز موسى. ثم صرح بحاله فقال أم أنا خير قال السدي : بل أنا خير. من هذا الذي هو مهين فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أي ضعيف ، قاله قتادة .

الثاني: حقير ، قاله سفيان.

الثالث: لأنه كان يمتهن نفسه في حوائجه ، حكاه ابن عيسى . ولا يكاد يبين أي يفهم ، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يعني أنه عيي اللسان ، قاله قتادة .

الثاني: ألثغ قاله الزجاج.

الثالث: ثقيل اللسان لجمرة كان وضعها في فيه وهو صغير ، قاله سفيان.

قوله عز وجل: فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب فيه وجهان:

أحدهما: أنه قال ذلك لأنه كان عادة الوقت وزي أهل الشرف.

الثاني: ليكون ذلك دليلا على صدقه ، والأساورة جمع أسورة ، والأسورة جمع سوار. [ ص: 231 ] أو جاء معه الملائكة مقترنين فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: متتابعين، قاله قتادة .

الثاني: يقارن بعضهم بعضا في المعونة ، قاله السدي .

الثالث: مقترنين أي يمشون معا ، قاله مجاهد . وفي مجيئهم معه قولان:

أحدهما: ليكونوا معه أعوانا ، قاله مقاتل.

الثاني: ليكونوا دليلا على صدقه ، قاله الكلبي . وليس يلزم هذا لأن الإعجاز كاف ، وقد كان في الجائز أن يكذب مع مجيء الملائكة كما يكذب مع ظهور الآيات. وذكر فرعون الملائكة حكاية عن لفظ موسى لأنه لا يؤمن بالملائكة من لا يعرف خالقهم.

قوله عز وجل: فاستخف قومه فأطاعوه فيه أربعة أوجه:

أحدها: استفزهم بالقول فأطاعوه على التكذيب، قاله ابن زياد.

الثاني: حركهم بالرغبة فخفوا معه في الإجابة، وهو معنى قول الفراء.

الثالث: استجهلهم فأظهروا طاعة جهلهم، وهو معنى قول الكلبي.

الرابع: دعاهم إلى باطله فخفوا في إجابته ، قاله ابن عيسى .

قوله عز وجل: فلما آسفونا انتقمنا منهم فيه وجهان:

أحدهما: أغضبونا، رواه الضحاك عن ابن عباس .

الثاني: أسخطونا، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . ومعناهما مختلف، والفرق بينهما أن السخط إظهار الكراهة، والغضب إرادة الانتقام. والأسف هو الأسى على فائت. وفيه وجهان:

أحدهما: أنه لما جعل هنا في موضع الغضب صح أن يضاف إلى الله لأنه قد يغضب على من عصاه. [ ص: 232 ] الثاني: أن الأسف راجع إلى الأنبياء لأن الله تعالى لا يفوته شيء ، ويكون تقديره: فلما آسفوا رسلنا انتقمنا منهم.

قوله عز وجل: فجعلناهم سلفا قرأ حمزة والكسائي بضم السين واللام ، وفيه تأويلان:

أحدهما: أهواء مختلفة ، قاله ابن عباس .

الثاني: جمع سلف أي جميع من قد مضى من الناس ، قاله ابن عيسى . وقرأ الباقون بفتح السين واللام ، أي متقدمين ، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: سلفا في النار ، قاله قتادة .

الثاني: سلفا لكفار أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله مجاهد .

الثالث: سلفا لمثل من عمل مثل عملهم ، قاله أبو مجلز. ومثلا للآخرين فيه وجهان:

أحدهما: عظة لغيرهم ، قاله قتادة .

الثاني: عبرة لمن بعدهم ، قاله مجاهد .

التالي السابق


الخدمات العلمية