صفحة جزء
[ ص: 468 ] سورة الحديد

مدنية في قول الجمهور، قال الكلبي هي مكية.

بسم الله الرحمن الرحيم

سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم

قوله تعالى سبح لله ما في السماوات والأرض في هذا التسبيح ثلاثة أوجه:

أحدها: يعني أن خلق ما في السماوات والأرض يوجب تنزيهه عن الأمثال والأشباه.

الثاني: تنزيه الله قولا مما أضاف إليه الملحدون ، وهو قول الجمهور.

الثالث: أنه الصلاة ، سميت تسبيحا لما تتضمنه من التسبيح ، قاله سفيان ، والضحاك .

فقوله سبح لله ما في السماوات يعني الملائكة وما فيهن من غيرهم وما في الأرض يعني في الحيوان والجماد ، وقد ذكرنا في تسبيح الجماد وسجوده ما أغنى عن الإعادة. وهو العزيز في انتصاره ، الحكيم في تدبيره. [ ص: 469 ] هو الأول والآخر يريد بالأول أنه قبل كل شيء لقدمه ، وبالآخر لأنه بعد كل شيء لبقائه. والظاهر والباطن فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: الظاهر فوق كل شيء لعلوه ، والباطن إحاطته بكل شيء لقربه ، قاله ابن حيان.

الثاني: أنه القاهر لما ظهر وبطن كما قال تعالى فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين

الثالث: العالم بما ظهر وما بطن. وهو بكل شيء عليم يعني بالأول والآخر والظاهر والباطن. ولأصحاب الخواطر في ذلك ثلاثة أوجه:

أحدها: الأول في ابتدائه بالنعم ، والآخر في ختامه بالإحسان ، والظاهر في إظهار حججه للعقول ، والباطن في علمه ببواطن الأمور.

الثاني: الأول بكشف أحوال الآخرة حين ترغبون فيها ، والآخر بكشف أحوال الدنيا حين تزهدون فيها ، والظاهر على قلوب أوليائه حين يعرفونه ، والباطن على قلوب أعدائه حين ينكرونه.

الثالث: الأول قبل كل معلوم ، والآخر بعد كل مختوم ، والظاهر فوق كل مرسوم ، والباطن محيط بكل مكتوم.

التالي السابق


الخدمات العلمية