صفحة جزء
كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي

يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى فيه تأويلان :

أحدهما : يتوب وكيف له بالتوبة ، لأن التوبة بالقيامة لا تنفع ، قاله الضحاك .

الثاني : يتذكر ما عمل في دنياه وما قدم لآخرته ، وأنى له الذكرى في الآخرة ، وإنما ينتفع في الدنيا ، قاله ابن شجرة . يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيه وجهان :

أحدهما : قدمت من دنياي لحياتي في الآخرة ، قاله الضحاك .

الثاني : قدمت من حياتي لمعادي في الآخرة ذكره ابن عباس . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد قرأ الكسائي لا يعذب ولا يوثق بفتح الذال والثاء وتأويلها على قراءته لا يعذب عذاب الكافر الذي يقول (يا ليتني قدمت لحياتي أحد) ، وقرأ الباقون بكسر الذال والثاء وتأويلها أنه لا يعذب عذاب الله أحد غفر الله له ، قاله ابن عباس والحسن ، فيكون تأويله على [ ص: 272 ]

القراءة الأولى محمولا على الآخرة ، وعلى القراءة الثانية محمولا على الدنيا . يا أيتها النفس المطمئنة فيه سبعة تأويلات : أحدها : يعني المؤمنة ، قاله ابن عباس .

الثاني : المجيبة ، قاله مجاهد .

الثالث : المؤمنة بما وعد الله ، قاله قتادة .

الرابع : الآمنة ، وهو في حرف أبي بن كعب يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة .

الخامس : الراضية ، قاله مقاتل .

السادس : ما قاله بعض أصحاب الخواطر : المطمئنة إلى الدنيا ، ارجعي إلى ربك في تركها .

السابع : ما قاله الحسن أن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن اطمأنت النفس إلى الله عز وجل ، واطمأن الله إليها . ارجعي إلى ربك فيه وجهان :

أحدهما : إلى جسدك عند البعث في القيامة ، قاله ابن عباس .

الثاني : إلى ربك عند الموت في الدنيا ، قاله أبو صالح . ويحتمل تأويلا ثالثا : إلى ثواب ربك في الآخرة . راضية مرضية فيه وجهان :

أحدهما : رضيت عن الله ورضي عنها ، قاله الحسن .

الثاني : رضيت بثواب الله ورضي بعملها ، قاله ابن عباس . فادخلي في عبادي فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : في عبدي ، وهو في حرف أبي بن كعب : فادخلي في عبدي .

الثاني : في طاعتي ، قاله الضحاك .

الثالث : معناه فادخلي مع عبادي ، قاله السدي . وادخلي جنتي فيه قولان :

أحدهما : في رحمتي ، قاله الضحاك .

الثاني : الجنة التي هي دار الخلود ومسكن الأبرار ، وهو قول الجمهور .

[ ص: 273 ]

وقال أسامة بن زيد : بشرت النفس المطمئنة بالجنة عند الموت ، وعند البعث وفي الجنة . واختلف فيمن نزلت فيه هذه الآية على أربعة أقاويل : أحدها : أنها نزلت في أبي بكر ، فروى ابن عباس أنها نزلت وأبو بكر جالس فقال : يا رسول الله ما أحسن هذا ، فقال صلى الله عليه وسلم : (أما أنه سيقال لك هذا) .

الثاني : أنها نزلت في عثمان حين وقف بئر رومة ، قاله الضحاك .

الثالث : أنها نزلت في حمزة ، قاله بريدة الأسلمي .

الرابع : أنها عامة في كل المؤمنين ، رواه عكرمة والفراء .

التالي السابق


الخدمات العلمية