صفحة جزء
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم فيه أربعة أقاويل: أحدها: يعني به الذهب والفضة ، وهو قول علي عليه السلام. والثاني: يعني التجارة ، قاله مجاهد . والثالث: الحلال. والرابع: الجيد. ومما أخرجنا لكم من الأرض من الزرع والثمار. وفي الكسب وجهان محتملان: أحدهما: ما حدث من المال المستفاد. والثاني: ما استقر عليه الملك من قديم وحادث. واختلفوا في هذه النفقة على قولين: أحدهما: هي الزكاة المفروضة قاله عبيدة السلماني. [ ص: 343 ]

والثاني: هي في التطوع ، قاله بعض المتكلمين. ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون التيمم: التعمد ، قال الخليل: تقول أممته إذا قصدت أمامه ، ويممته إذا تعمدته من أي جهة كان ، وقال غيره: هما سواء ، والخبيث: الرديء من كل شيء ، وفيه هنا قولان: أحدهما: أنهم كانوا يأتون بالحشف فيدخلونه في تمر الصدقة ، فنزلت هذه الآية ، وهو قول علي ، والبراء بن عازب. والثاني: أن الخبيث هو الحرام ، قاله ابن زيد . ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه فيه أربعة تأويلات: أحدها: إلا أن تتساهلوا ، وهو قول البراء بن عازب. والثاني: إلا أن تحطوا في الثمن ، قاله ابن عباس . والثالث: إلا بوكس فكيف تعطونه في الصدقة قاله الزجاج . والرابع: إلا أن ترخصوا لأنفسكم فيه ، قاله السدي ، وقال الطرماح:


لم يفتنا بالوتر قوم وللضيـ م رجال يرضون بالإغماض



قوله عز وجل: الشيطان يعدكم الفقر وهو ما خوف من الفقر إن أنفق أو تصدق. ويأمركم بالفحشاء يحتمل وجهين: أحدهما: بالشح. والثاني: بالمعاصي. والله يعدكم مغفرة منه يحتمل وجهين: أحدهما: .... لكم. والثاني: عفوا لكم. وفضلا يحتمل وجهين: أحدهما: سعة الرزق. [ ص: 344 ]

والثاني: مضاعفة العذاب. والله واسع عليم روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للشيطان لمة من ابن آدم ، وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله وليحمد الله ، ومن وجد الأخر فليتعوذ بالله . ثم تلا هذه الآية). قوله تعالى: يؤتي الحكمة من يشاء في الحكمة سبعة تأويلات: أحدها: الفقه في القرآن ، قاله ابن عباس . والثاني: العلم بالدين ، قاله ابن زيد . والثالث: النبوة. والرابع: الخشية ، قاله الربيع . والخامس: الإصابة ، قاله ابن أبي نجيح عن مجاهد. والسادس: الكتابة ، قاله مجاهد . [ ص: 345 ]

والسابع: العقل ، قاله زيد بن أسلم. ويحتمل ثامنا: أن تكون الحكمة هنا صلاح الدين وإصلاح الدنيا.

التالي السابق


الخدمات العلمية