صفحة جزء
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا

قوله عز وجل: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي فيها خمسة أقاويل: أحدها: أنه جبريل عليه السلام ، قاله ابن عباس . كما قال تعالى: نزل به الروح الأمين [الشعراء: 193] .

الثاني: ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه ، لكل وجه سبعون ألف لسان يسبح الله تعالى بجميع ذلك ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

الثالث: أنه القرآن ، قاله الحسن ، كما قال تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا [ ص: 270 ] من أمرنا [الشورى: 52] فيكون معناه أن القرآن من أمر الله تعالى ووحيه الذي أنزل علي وليس هو مني.

الرابع: أنه عيسى ابن مريم هو من أمر الله تعالى وليس كما ادعته النصارى أنه ابن الله ، ولا كما افترته اليهود أنه لغير رشدة.

الخامس: أنه روح الحيوان ، وهي مشتقة من الريح. قال قتادة سأله عنها قوم من اليهود وقيل في كتابهم أنه إن أجاب عن الروح فليس بنبي فقال الله تعالى: قل الروح من أمر ربي فلم يجبهم عنها فاحتمل ذلك ستة أوجه: أحدها: تحقيقا لشيء إن كان في كتابهم.

الثاني: أنهم قصدوا بذلك الإعنات كما قصدوا اقتراح الآيات.

الثالث: لأنه قد يتوصل إلى معرفته بالعقل دون السمع.

الرابع: لئلا يكون ذلك ذريعة إلى سؤال ما لا يعني.

الخامس: قاله بعض المتكلمين ، أنه لو أجابهم عنها ووصفها; بأنها جسم رقيق تقوم معه الحياة ، لخرج من شكل كلام النبوة ، وحصل في شكل كلام الفلاسفة. فقال من أمر ربي أي هو القادر عليه.

السادس: أن المقصود من سؤالهم عن الروح أن يتبين لهم أنه محدث أو قديم ، فأجابهم بأنه محدث لأنه قال: من أمر ربي أي من فعله وخلقه ، كما قال تعالى: إنما قولنا لشيء

[ ص: 271 ] فعلى هذا الوجه يكون جوابا لما سألوه ، ولا يكون على الوجوه المتقدمة جوابا. وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فيه وجهان: أحدهما: إلا قليلا من معلومات الله.

الثاني: إلا قليلا بحسب ما تدعو الحاجة إليه حالا فحالا. وفيمن أريد بقوله تعالى: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قولان: أحدهما: أنهم اليهود خاصة ، قاله قتادة .

الثاني: النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الخلق.

التالي السابق


الخدمات العلمية