صفحة جزء
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [ ص: 186 ]

قوله تعالى: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس فيه قولان: أحدهما: مجمعا لاجتماع الناس عليه في الحج والعمرة. والثاني: مرجعا من قولهم: قد ثابت العلة إذا رجعت. وقال الشاعر:


مثابا لأفناء القبائل كلها تحب إليها اليعملات الذوامل



وفي رجوعهم إليه وجهان: أحدهما: أنهم يرجعون إليه المرة بعد المرة. والثاني: أنهم في كل واحد من نسكي الحج والعمرة يرجعون إليه من حل إلى حرم; لأن الجمع في كل واحد من النسكين بين الحل والحرم شرط مستحق. قال تعالى: وأمنا فيه قولان: أحدهما: لأمنه في الجاهلية من مغازي العرب، لقوله: وآمنهم من خوف [قريش: 4] . والثاني: لأمن الجناة فيه من إقامة الحدود عليهم حتى يخرجوا منه. واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى روى حماد، عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى بكسر الخاء [ ص: 187 ]

من قوله: واتخذوا على وجه الأمر، وقرأ بعض أهل المدينة: ( واتخذوا ) بفتح الخاء على وجه الخبر. واختلف أهل التفسير في هذا المقام، الذي أمروا باتخاذه مصلى، على أربعة أقاويل: أحدها: الحج كله، وهذا قول ابن عباس . والثاني: أنه عرفة ومزدلفة والجمار، وهو قول عطاء والشعبي. والثالث: أنه الحرم كله، وهو قول مجاهد. والرابع: أنه الحجر الذي في المسجد، وهو مقامه المعروف، وهذا أصح. وفي قوله: مصلى تأويلان: أحدهما: مدعى يدعى فيه، وهو قول مجاهد. والثاني: أنه مصلى يصلى عنده، وهو قول قتادة، وهو أظهر التأويلين.

التالي السابق


الخدمات العلمية