1. الرئيسية
  2. تفسير الماوردي
  3. تفسير سورة مريم
  4. تفسير قوله تعالى فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا
صفحة جزء
فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا

قوله تعالى: فناداها من تحتها ألا تحزني فيه قولان: أحدهما: أن المنادي لها من تحتها جبريل ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي.

الثاني: أنه عيسى ابنها ، قاله الحسن ، ومجاهد. وفي قوله من تحتها وجهان: أحدهما: من أسفل منها في الأرض وهي فوقه على رأسه، قاله الكلبي.

[ ص: 365 ] الثاني: من بطنها: قاله بعض المتكلمين ، بالقبطية. قد جعل ربك تحتك سريا فيه قولان: أحدهما: أن السري هو ابنها عيسى ؛ لأن السري هو الرفيع الشريف مأخوذ من قولهم فلان من سروات قومه أي من أشرافهم ، قاله الحسن ، فعلى هذا يكون عيسى هو المنادي من تحتها قد جعل ربك تحتك سريا الثاني: أن السري هو النهر، قاله ابن عباس ، ومجاهد، وابن جبير،

[ ص: 366 ] وقتادة، والضحاك، لتكون النخلة لها طعاما ، والنهر لها شرابا، وعلى هذا يكون جبريل هو المنادي لها قد جعل ربك تحتك سريا الثاني: أنه عربي مشتق من السراية فسمي السري لأنه يجري فيه ، ومنه قول الشاعر:


سهل الخليقة ماجد ذو نائل مثل السري تمده الأنهار



وقيل: إن اسم السري يطلق على ما يعبره الناس من الأنهار وثبا. وروى أبان بن تغلب في تفسيره القرآن خبرا عن عدد لم يسمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شداد بن ثمامة مصدقا لبني كعب بن مذحج وكتب له كتابا: (على ما سقته المراسم والجداول والنواهر والدوافع العشر ونصف العشر بقيمة عدل إلا الضوامر واللواقح وما أطل الصور من الجفن. وفي كل أربعين شاة شاة إلا العقيل والأكيل والربي. ومن كل ثلاثين بقرة جذع أو جذعة إلا العاقر والناشط والراشح. ومن كل خمس من الإبل الموبلة مسنة من الغنم. ولا صدقة في الخيل ولا في الإبل العاملة. شهد جرير بن عبد الله بن جابر البجلي وشداد بن ثمامة وكتب المغيرة بن شعبة) فالمراسل العيون ، والجداول الأنهار الصغار ، والنواهر الدوالي ، والدوافع الأودية ، والضوامر ما لم تحمل من النخل ، واللواقح الفحول ، والجفن الكرم ، وما أطلاه من الزرع عفو ، والعقيل فحل الغنم، والأكيل الذي يربى للأكل، والربي التي تربي ولدها، والعاقر من البقر التي لا تحمل ، والناشط الفحل الذي ينشط من أرض إلى أرض، والراشح الذي يحرث الأرض. قوله تعالى: وهزي إليك بجذع النخلة الآية. اختلف في النخلة على أربعة أقاويل:

[ ص: 367 ] أحدها: كانت برنية.

الثاني: صرفاتة ، قاله أبو داود.

الثالث: قرينا.

الرابع: عجوة ، قاله مجاهد . وفي "الجني" ثلاثة أقاويل: أحدها: المترطب البسر ، قاله مقاتل.

الثاني: البلح لم يتغير ، قاله أبو عمرو بن العلاء.

الثالث: أنه الطري بغباره. وقيل لم يكن للنخلة رأس وكان في الشتاء فجعله الله آية. قال مقاتل فاخضرت وهي تنظر ثم حملت وهي تنظر ثم نضجت وهي تنظر. قوله تعالى: فكلي يعني من الرطب الجني. واشربي يعني من السري. وقري عينا يعني بالولد ، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: جاء يقر عينك سرورا ، قاله الأصمعي ، لأن دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة.

الثاني: طيبي نفسا ، قاله الكلبي.

الثالث: تسكن عينك؛ ولذلك قيل: ما شيء خير للنفساء من الرطب والتمر. فإما ترين من البشر أحدا يعني إما للإنكار عليك وإما للسؤال لك. فقولي إني نذرت للرحمن صوما فيه تأويلان: أحدهما: يعني صمتا ، وقد قرئ في بعض الحروف: للرحمن صمتا وهذا تأويل ابن عباس وأنس بن مالك والضحاك.

الثاني: صوما عن الطعام والشراب والكلام، قاله قتادة .

[ ص: 368 ] فلن أكلم اليوم إنسيا فيه وجهان: أحدهما: أنها امتنعت من الكلام ليتكلم عنها ولدها فيكون فيه براءة ساحتها ، قاله ابن مسعود ووهب بن منبه وابن زيد.

الثاني: أنه كان من صام في ذلك الزمان لم يكلم الناس ، فأذن لها في المقدار من الكلام قاله السدي.

التالي السابق


الخدمات العلمية