1. الرئيسية
  2. تفسير الماوردي
  3. تفسير سورة طه
  4. تفسير قوله تعالى وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى
صفحة جزء
وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا

قوله تعالى: غضبان أسفا فيه خمسة أوجه: أحدها: أن الأسف أشد الغضب.

الثاني: الحزين ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي.

الثالث: أنه الجزع ، قاله مجاهد .

الرابع: أنه المتندم.

الخامس: أنه المتحسر. قوله تعالى: ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا فيه أربعة أقاويل: أحدها: أنه وعدكم النصر والظفر.

الثاني: أنه قوله: وإني لغفار الآية.

[ ص: 418 ] الثالث: التوراة فيها هدى ونور ليعملوا بما فيها فيستحقوا ثواب عملهم.

الرابع: أنه ما وعدهم به في الآخرة على التمسك بدينه في الدنيا ، قاله الحسن. وفي قوله تعالى: فأخلفتم موعدي وجهان: أحدهما: أنه وعدهم على أثره للميقات فتوقفوا. قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا فيه ثلاثة أوجه: أحدها: بطاقتنا ، قاله قتادة والسدي.

الثاني: لم نملك أنفسنا عند ذلك للبلية التي وقعت بنا ، قاله ابن زيد.

الثالث: لم يملك المؤمنون منع السفهاء من ذلك ، والموعد الذي أخلفوه أن وعدهم أربعين فعدوا الأربعين عشرين يوما وعشرين ليلة وظنوا أنهم قد استكملوا الميعاد ، وأسعدهم السامري أنهم قد استكملوه. ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم أي حملنا من حلي آل فرعون ؛ لأن موسى أمرهم أن يستعيروا من حليهم ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي. وقيل: جعلت حملا. والأوزار: الأثقال ، فاحتمل ذلك على وجهين: أحدهما: أن يراد بها أثقال الذنوب لأنهم قد كان عندهم غلول.

الثاني: أن يراد أثقال الحمل لأنه أثقلهم وأثقل أرجلهم. قوله تعالى: فكذلك ألقى السامري الآية. قال قتادة. أن السامري قال لهم حين استبطأ القوم موسى: إنما احتبس عليكم من أجل ما عندكم من الحلي ، فجمعوه ورفعوه للسامري ، فصاغ منه عجلا ، ثم ألقى عليه قبضة قبضها من أثر الرسول وهو جبريل ، وقال معمر: الفرس الذي كان عليه جبريل هو الحياة فلما ألقى القبضة عليه صار عجلا جسدا له خوار.

[ ص: 419 ] والخوار صوت الثور ، وفيه قولان: أحدهما: أنه صوت حياة خلقه ؛ لأن العجل المصاغ انقلب بالقبضة التي من أثر الرسول فصار حيوانا حيا ، قاله الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وقال ابن عباس: خار العجل خورة واحدة لم يتبعها مثلها.

الثاني: أن خواره وصوته كان بالريح ؛ لأنه عمل فيه خروقا ، فإذا دخلت الريح فيه خار ولم يكن فيه حياة ، قاله مجاهد . فقالوا هذا إلهكم وإله موسى يعني أن السامري قال لقوم موسى بعد فراغه من العجل: هذا إلهكم وإله موسى ، يعني ليسرعوا إلى عبادته. فنسي فيه أربعة أقاويل: أحدها: فنسي السامري إسلامه وإيمانه ، قاله ابن عباس .

الثاني: فنسي السامري قال لهم: قد نسي موسى إلهه عندكم ، قاله قتادة ، والضحاك.

الثالث: فنسي أن قومه لا يصدقونه في عبادة عجل لا يضر ولا ينفع ، قاله ابن بحر.

الرابع: أن موسى نسي أن قومه قد عبدوا العجل بعده ، قاله مجاهد . أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا يعني أفلا يرى بنو إسرائيل أن العجل الذي عبدوه لا يرد عليهم جوابا. ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ؟ فكيف يكون إلها. قال مقاتل: لما مضى من موعد موسى خمسة وثلاثون يوما أمر السامري بني إسرائيل أن يجمعوا ما استعاروه من حلي آل فرعون ، وصاغه عجلا في السادس والثلاثين والسابع والثامن ودعاهم إلى عبادة العجل في التاسع فأجابوه ، وجاءهم موسى بعد استكمال الأربعين.

التالي السابق


الخدمات العلمية