وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين 
قوله تعالى: 
وأيوب إذ نادى ربه أني الآية. حكى 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري:  أن 
أيوب  آتاه الله مالا وولدا فهلك ماله ، ومات أولاده ، فقال: رب قد أحسنت إلي الإحسان كله ، كنت قبل اليوم شغلني حب المال بالنهار ، وشغلني حب الولد بالليل ، فالآن أفرغ لك سمعي وبصري وليلي ونهاري بالحمد والذكر فلم ينفذ لإبليس فيه مكر ، ولا قدر له على فتنة ، فبلي في بدنه حتى قرح وسعى فيه الدود ، واشتد به البلاء حتى طرح على مزبلة بني إسرائيل ، ولم يبق أحد يدنو منه غير زوجته صبرت معه ، تتصدق وتطعمه ، وقد كان آمن به ثلاثة من قومه ، رفضوا عند بلائه ، 
وأيوب  يزداد حمدا لله وذكرا ، وإبليس يجتهد في افتتانه فلا يصل إليه حتى شاور أصحابه ، فقالوا: أرأيت 
آدم  حين أخرجته من الجنة من أين أتيته؟ قال: من قبل امرأته ، فقالوا شأنك 
أيوب  من قبل امرأته . قال: أصبتم ، فأتاها فذكر لها ضر 
أيوب  بعد جماله وماله وولده ، فصرخت ، فطمع عدو الله فيها ، فأتاها بسخلة ، فقال ليذبح 
أيوب  هذه السخلة لي ويبرأ ، فجاءت إلى 
أيوب  فصرخت وقالت يا 
أيوب  حتى متى يعذبك ربك ولا يرحمك؟ أين المال؟ أين الولد؟ أين لونك الحسن؟ قد بلي ، وقد تردد الدواب ، اذبح هذه السخلة واسترح. قال لها 
أيوب  أتاك عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقا فأجبتيه؟ أرأيت ما تبكين عليه من المال والولد والشباب والصحة من أعطانيه؟ فقالت : الله ، قال: فكم متعنا به؟ قالت: ثمانين سنة ، قال: منذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء؟ 
[ ص: 462 ] فقالت: منذ سبع سنين وأشهر . قال: ويلك والله ما أنصفت ربك ، ألا صبرت حتى نكون في هذا البلاء ثمانين سنة والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة ، ثم طردها وقال: ما تأتيني به علي حرام إن أكلته ، فيئس إبليس من فتنته. ثم بقي أيوب وحيدا فخر ساجدا وقال: رب ، 
مسني الضر وأنت أرحم الراحمين وفيه خمسة أوجه: أحدها: أن الضر المرض ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة   . 
الثاني: أنه 
البلاء الذي في جسده ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  ، حتى قيل إن الدودة كانت تقع من جسده فيردها في مكانها ويقول: كلي مما رزقك الله. 
الثالث: أنه الشيطان كما قال في موضع آخر 
أني مسني الشيطان بنصب وعذاب  [ص: 41] قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن.  
الرابع: أنه وثب ليصلي فلم يقدر على النهوض ، فقال: مسني الضر ، إخبارا عن حاله ، لا شكوى لبلائه ، رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس  مرفوعا.  
[ ص: 463 ] الخامس: أنه انقطع الوحي عنه أربعين يوما فخاف هجران ربه ، فقال: مسني الضر ، وهذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق  رحمه الله. وفي مخرج قوله: 
مسني الضر أربعة أوجه: أحدها: أنه خارج مخرج الاستفهام ، وتقديره أيمسني الضر وأنت أرحم الراحمين. 
الثاني: أنت أرحم بي أن يمسني الضر. 
الثالث: أنه قال [ذلك] استقالة من ذنبه ورغبة إلى ربه. 
الرابع: أنه شكا ضعفه وضره استعطافا لرحمته ، فكشف بلاءه فقيل له: 
اركض برجلك هذا مغتسل بارد  [ص: 42] فركض برجله فنبعت عين ، فاغتسل منها وشرب فذهب باطن دائه وعاد إليه شبابه وجماله ، وقام صحيحا ، وضاعف الله له ما كان من أهل ومال وولد. ثم إن امرأته قالت: إن طردني فإلى من أكله؟ فرجعت فلم تره ، فجعلت  
[ ص: 464 ] تطوف وتبكي ، 
وأيوب  يراها وتراه فلا تعرفه فلما سألته عنه وكلمته فعرفته ، ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء ، فأمره أن يضربها بضغث ليبر في يمينه ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   . وكانت امرأته 
ماخيرا بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب.  فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود:  رد الله إليه أهله الذين أهلكهم بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معهم. قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء   : كان 
لأيوب  سبع بنين وسبع بنات فماتوا في بلائه ، فلما كشف الله ضره رد عليه بنيه وبناته وولد له بعد ذلك مثلهم ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن   : وكانوا ماتوا قبل آجالهم فأحياهم الله فوفاهم آجالهم ، وأن الله أبقاه حتى أعطاهم من نسلهم مثلهم.