صفحة جزء
قوله تعالى : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها الآيات .

[ ص: 106 ] أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص قال : كانت سعيرة الأسدية مجنونة، تجمع الشعر والليف، فنزلت هذه الآية : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها . الآية .

وأخرج ابن مردويه ، من طريق عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : يا عطاء، ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فأراني حبشية صفراء، فقال : هذه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن بي هذه الموتة - يعني الجنون - فادع الله أن يعافيني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن شئت دعوت فعافاك الله، وإن شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة " . فاختارت الصبر والجنة قال : وهذه المجنونة سعيرة الأسدية، وكانت تجمع الشعر والليف، فنزلت هذه الآية ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها .

وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في قوله : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها . قال : خرقاء كانت بمكة تنقضه بعدما تبرمه .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها . قال : كانت امرأة بمكة تسمى خرقاء مكة، كانت [ ص: 107 ] تغزل، فإذا أبرمت غزلها نقضته .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها . قال : نقضت حبلها بعد إبرامها إياه .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في الآية : لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم : ما أحمق هذه! وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده . وفي قوله : تتخذون أيمانكم دخلا بينكم . قال : خيانة وغدرا .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أن تكون أمة هي أربى من أمة . قال : ناس أكثر من ناس .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : أن تكون أمة هي أربى من أمة . قال : كانوا يحالفون الحلفاء، فيجدون أكثر منهم وأعز، فينقضون حلف هؤلاء، ويحالفون هؤلاء الذين هم أعز، فنهوا عن ذلك .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : ولا تكونوا في [ ص: 108 ] نقض العهد بمنزلة التي نقضت غزلها، من بعد قوة أنكاثا يعني : بعد ما أبرمته تتخذون أيمانكم . يعني : العهد دخلا بينكم . يعني : بين أهل العهد، يعني مكرا وخديعة لتدخل العلة فيستحل به نقض العهد، أن تكون أمة هي أربى من أمة . يعني : أكثر، إنما يبلوكم الله به . يعني : بالكثرة، وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون . يعني : وليسألنكم، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة : يعني المسلمة والمشركة، أمة واحدة يعني ملة الإسلام وحدها، ولكن يضل من يشاء . يعني : عن دينه، وهم المشركون، ويهدي من يشاء : يعني المسلمين، ولتسألن : يعني يوم القيامة، عما كنتم تعملون . ثم ضرب مثلا آخر لناقض العهد فقال : ولا تتخذوا أيمانكم : يعني العهد، دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها . يقول : إن ناقض العهد يزل في دينه كما يزل قدم الرجل بعد الاستقامة، وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله : يعني العقوبة، ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا : يعني عرضا من الدنيا يسيرا، إنما عند الله : يعني الثواب، هو خير لكم . يعني : أفضل لكم من العاجل، ما عندكم ينفد . يعني : ما عندكم من الأموال يفنى، وما عند الله باق . يعني : وما عند الله في الآخرة من الثواب دائم لا يزول [ ص: 109 ] عن أهله، وليجزين الذين صبروا . يعني : على أمر الله أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون في الدنيا، ويعفو عن سيئاتهم .

وأخرج سعيد بن منصور ، والطبراني ، عن ابن مسعود قال : إياكم "وأرأيت"، فإنما هلك من كان قبلكم ب "أرأيت"، ولا تقيسوا الشيء بالشيء دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها ، وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل : لا أعلم، فإنه ثلث العلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية