صفحة جزء
قوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم

أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في "العظمة"، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه؟ إن نوحا قال لابنه : يا بني، آمرك أن تقول : سبحان الله . فإنها صلاة الخلق، وتسبيح الخلق، وبها يرزق الخلق . قال الله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده " .

[ ص: 352 ] وأخرج أحمد ، وابن مردويه ، عن ابن عمرو : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنيه : آمركما بسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء" .

وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في "فضل الديك"، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "صوت الديك صلاته، وضربه بجناحيه سجوده وركوعه" . ثم تلا هذه الآية : " وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ينادي مناد من السماء : اذكروا الله يذكركم . فلا يسمعها أول من الديك، فيصيح، فذلك تسبيحه .

وأخرج أبو الشيخ في "العظمة"، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تضربوا وجوه الدواب؛ فإن كل شيء يسبح بحمده" .

[ ص: 353 ] وأخرج أبو الشيخ عن عمر قال : لا تلطموا وجوه الدواب؛ فإن كل شيء يسبح بحمده .

وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم : "اركبوها سالمة ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا لله منه" .

وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما تستقل الشمس فيفيئ شيء من خلق الله تعالى إلا سبح الله بحمده، إلا ما كان من الشيطان وأغبياء بني آدم" .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : ما من عبد يسبح الله [ ص: 354 ] تسبيحة إلا سبح ما خلق الله من شيء، قال الله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن النمل يسبحن" .

وأخرج البخاري ، ومسلم ، وأبو داود، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قرصت نملة نبيا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه : من أجل نملة واحدة أحرقت أمة من الأمم تسبح" .

وأخرج النسائي ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عمرو قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع، وقال : "نقيقها تسبيح" .

وأخرج أبو الشيخ في "العظمة"، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : الزرع يسبح بحمده وأجره لصاحبه، والثوب يسبح، ويقول الوسخ : إن كنت مؤمنا فاغسلني إذن .

[ ص: 355 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قبيل قال : الزرع يسبح وثوابه للذي زرع .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كل شيء يسبح بحمده إلا الحمار والكلب .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : الأسطوانة تسبح، والشجرة تسبح .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : لا يعيبن أحدكم دابته ولا ثوبه، فإن كل شيء يسبح بحمده .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والخطيب ، عن أبي صالح قال : صرير الباب تسبيحه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غالب الشيباني قال : صوت البحر تسبيحه، وأمواجه صلاته .

وأخرج ابن أبي حاتم عن النخعي قال : الطعام يسبح .

[ ص: 356 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد في "الزهد"، وأبو الشيخ ، عن ميمون بن مهران قال : أتي أبو بكر الصديق بغراب وافر الجناحين، فجعل ينشر جناحه ويقول : ما صيد من صيد، ولا عضدت من شجرة، إلا بما ضيعت من التسبيح .

وأخرج ابن راهويه في "مسنده"، من طريق الزهري قال : أتي أبو بكر الصديق بغراب وافر الجناحين، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول : "ما صيد صيد، ولا عضدت عضاة، ولا قطعت وشيجة، إلا بقلة التسبيح" .

وأخرج أبو نعيم في "الحلية"، وابن مردويه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما صيد من صيد، ولا وشج من وشيج، إلا بتضييعه التسبيح" .

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما اصطيد من طير في السماء، ولا سمك في الماء، حتى يدع ما افترض الله عليه [ ص: 357 ] من التسبيح" .

وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أخذ طائر ولا حوت إلا بتضييع التسبيح" .

وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن مرثد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يصطاد شيء من الطير والحيتان إلا بما يضيع من تسبيح الله" .

وأخرج ابن عساكر ، من طريق يزيد بن مرثد، عن أبي رهم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما اصطيد صيد في بر ولا بحر إلا بتضييعه التسبيح" .

وأخرج العقيلي في "الضعفاء"، وأبو الشيخ ، والديلمي، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "آجال البهائم كلها، وخشاش الأرض، والقمل، والبراغيث، والجراد، والخيل، والبغال، والدواب [ ص: 358 ] كلها، والبقر وغير ذلك، آجالها في التسبيح، فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، وليس إلى ملك الموت منها شيء" .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : كل شيء فيه الروح يسبح؛ من شجرة أو شيء فيه الروح .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : ما من شيء في أصله الأول لم يمت إلا وهو يسبح بحمده .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال : جلس الحسن مع أصحابه على مائدة، فقال بعضهم : هذه المائدة تسبح الآن . فقال الحسن : كلا، إنما ذاك كل شيء على أصله .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن إبراهيم قال : الطعام يسبح .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا [ ص: 359 ] تقتلوا الضفادع؛ فإن أصواتها تسبيح .

وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن أنس بن مالك قال : ظن داود في نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، وإن ملكا نزل وهو قاعد في المحراب والبركة إلى جانبه فقال : يا داود، افهم إلى ما تصوت به الضفدع . فأنصت داود عليه السلام، فإذا الضفدع تمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود عليه السلام، فقال له الملك : كيف ترى يا داود، أفهمت ما قالت؟ قال : نعم، قال : ماذا قالت؟ قال : قالت : سبحانك وبحمدك منتهى علمك يا رب . قال داود عليه السلام : لا والذي جعلني نبيه، إني لم أمدحه بهذا .

وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان" عن صدقة بن يسار قال : كان داود عليه السلام في محرابه، فأبصر دودة صغيرة، ففكر في خلقها وقال : ما يعبأ الله بخلق هذه؟ فأنطقها الله فقالت : يا داود، أتعجبك نفسك؟ لأنا، على قدر ما آتاني الله، أذكر لله وأشكر له منك، على ما آتاك الله . قال الله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده .

[ ص: 360 ] وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : هذه الآية في التوراة كقدر ألف آية : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : في التوراة : تسبح له الجبال، وتسبح له الشجر، ويسبح له كذا، ويسبح له كذا .

وأخرج أحمد في "الزهد"، وأبو الشيخ ، عن شهر بن حوشب قال : كان داود عليه السلام يسمى النواح في كتاب الله، وإنه انطلق حتى أتى البحر فقال : أيها البحر، إني هارب فار من الطالب الذي لا ينأى، طلبه، فاجعلني قطرة في [260ظ] مائك، أو دابة مما فيك، أو تربة من تربك، أو صخرة من صخرك . قال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه، ارجع من حيث جئت، فإنه ليس مني شيء إلا بارز ينظر الله عز وجل إليه، قد أحصاه وعده عدا، فلست أستطيع ذلك . ثم انطلق حتى أتى الجبل، فقال : أيها الجبل، اجعلني حجرا من حجارتك، أو تربة من تربك، أو صخرة من صخرك، أو شيئا مما في جوفك . فقال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه، إنه ليس مني شيء إلا [ ص: 361 ] يراه وينظر إليه، وقد أحصاه وعده عدا، فليس أستطيع ذلك . ثم انطلق حتى أتى الأرض، يعني الرمل، فقال : أيها الرمل، اجعلني تربة من تربك، أو صخرة من صخرك، أو شيئا مما في جوفك . فأوحى الله إلى الرمل : أن أجبه . فقال : أيها العبد الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه، ارجع من حيث جئت، فاجعل عملك لقسمين؛ لرغبة أو لرهبة، فعلى أيهما أخذك ربك لم تبال . وخرج فأتى البحر في ساعة، فصلى فيها، فنادته ضفدعة فقالت : يا داود، إنك حدثت نفسك أنك قد سبحت في ساعة ليس يذكر الله فيها غيرك، وإني في سبعين ألف ضفدع كلها قائمة على رجل تسبح الله تعالى وتقدسه .

وأخرج أحمد ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس قال : صلى داود ليلة حتى أصبح، فلما أن أصبح وجد في نفسه سرورا، فنادته ضفدعة : يا داود، [ ص: 362 ] كنت أدأب منك قد أغفيت إغفاء .

وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" عن أبي بردة بن أبي موسى قال : بلغني أنه ليس شيء أكثر تسبيحا من هذه الدودة الحمراء .

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : التراب يسبح، فإذا بني به الحائط سبح .

وأخرج أبو الشيخ عن أبي إدريس الخولاني قال : الزرع يسبح، ويكتب الأجر لصاحبه .

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال : إذا سمعت نقيضا من البيت أو من الخشب أو الجدر فهو تسبيح .

وأخرج أبو الشيخ عن خيثمة قال : كان أبو الدرداء يطبخ قدرا، فوقعت على [ ص: 363 ] وجهها فجعلت تسبح .

وأخرج أبو الشيخ عن سليمان بن المغيرة قال : كان مطرف إذا دخل بيته فسبح سبحت معه آنية بيته .

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : لولا ما غمي عليكم من تسبيح ما معكم في البيوت ما تقاررتم .

وأخرج أبو الشيخ عن مسعر قال : لولا ما غم الله عليكم من تسبيح خلقه ما تقاررتم .

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : كل شيء فيه الروح يسبح .

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد : وإن من شيء إلا يسبح بحمده . قال : صلاة الخلق وتسبيحهم : سبحان الله وبحمده .

[ ص: 364 ] وأخرج النسائي ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفا، بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا ماء، فقال لنا : "اطلبوا من معه فضل ماء" . فأتي بماء، فوضعه في إناء، ثم وضع يده فيه، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه، ثم قال : "حي على الطهور المبارك، والبركة من الله" . فشربنا منه . قال عبد الله : كنا نسمع صوت الماء وتسبيحه وهو يشرب .

وأخرج أبو الشيخ في "العظمة"، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل .

وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام ثريد، فقال : "إن هذا الطعام يسبح" . قالوا : يا رسول الله، وتفقه تسبيحه؟ قال : "نعم" . ثم قال لرجل : "أدن هذه القصعة من هذا الرجل" . فأدناها، فقال : نعم يا رسول الله، هذا الطعام يسبح . فقال : "أدنها من آخر" . فأدناها منه، [ ص: 365 ] فقال : يا رسول الله، هذا الطعام يسبح . ثم قال : "ردها" . فقال رجل : يا رسول الله، لو أمرت على القوم جميعا؟ فقال : "لا، إنها لو سكتت عند رجل لقالوا : من ذنب . ردها" . فردها .

وأخرج أبو الشيخ، وأبو نعيم في "الحلية"، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال محمد بن علي بن الحسين وسمع عصافير يصحن فقال : تدري ما يقلن؟ قلت : لا . قال : يسبحن ربهن عز وجل ويسألن قوت يومهن .

وأخرج الخطيب عن أبي حمزة قال : كنا مع علي بن الحسين، فمر بنا عصافير يصحن، فقال : أتدرون ما تقول هذه العصافير؟ قلنا : لا . قال : أما إني ما أقول : إنا نعلم الغيب . ولكني سمعت أبي يقول : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها، وسألته قوت يومها" . وإن هذه تسبح ربها، وتسأله قوت يومها .

[ ص: 366 ] وأخرج الخطيب في "تاريخه" عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : "يا عائشة، اغسلي هذين البردين" . فقلت : يا رسول الله، بالأمس غسلتهما . فقال لي : "أما علمت أن الثوب يسبح، فإذا اتسخ انقطع تسبيحه" .

التالي السابق


الخدمات العلمية