صفحة جزء
قوله تعالى : وأذن في الناس بالحج الآية .

أخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " ، وابن منيع ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في "سننه" ، عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : رب، قد فرغت ، فقال : أذن في الناس بالحج . قال : رب وما يبلغ صوتي؟ قال : أذن وعلي البلاغ . قال : رب كيف أقول؟ قال : يا أيها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق . فسمعه من بين السماء والأرض، ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون ؟

[ ص: 465 ] وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه أن أذن في الناس بالحج ، فقال : ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه ، فاستجاب له ما سمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب أو شيء ، فقالوا : لبيك اللهم لبيك .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس، فوضع أصبعيه في أذنيه ثم نادى : يا أيها الناس، إن الله كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم . فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن ، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ .

وأخرج الديلمي بسند واه عن علي رفعه : لما نادى إبراهيم بالحج لبى الخلق، فمن لبى تلبية واحدة حج حجة واحدة، ومن لبى مرتين حج حجتين، ومن زاد فبحساب ذلك .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : وأذن في الناس بالحج . [ ص: 466 ] قال : قام إبراهيم عليه السلام على الحجر فنادى : يا أيها الناس كتب عليكم الحج . فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجاب من آمن ممن سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير : وأذن في الناس بالحج قال : وقرت في قلب كل ذكر وأنثى .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت، أوحى الله إليه أن : أذن في الناس بالحج ، فخرج فنادى في الناس : يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه ، فلم يسمعه يومئذ من إنس ولا جن ولا شجرة ولا أكمة ولا تراب ولا جبل ولا ماء ولا شيء إلا قال : لبيك اللهم لبيك .

وأخرج أبو الشيخ في كتاب " الأذان " عن عبد الله بن الزبير قال : أخذ الأذان من أذان إبراهيم في الحج : وأذن في الناس بالحج قال : فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لما أمر إبراهيم بدعاء الناس إلى الله استقبل المشرق فدعا، ثم استقبل المغرب فدعا، ثم استقبل الشام فدعا، ثم استقبل اليمن فدعا، فأجيب : لبيك لبيك .

[ ص: 467 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة، أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن أذن في الناس بالحج ، فقام على الحجر فقال : يا أيها الناس، إن الله يأمركم بالحج . فأجابه من كان مخلوقا في الأرض يومئذ، ومن كان في أرحام النساء، ومن كان في أصلاب الرجال، ومن كان في البحور فقالوا : لبيك اللهم لبيك .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : قال جبريل لإبراهيم : وأذن في الناس بالحج قال : كيف أؤذن؟ قال : قل يا أيها الناس، أجيبوا إلى ربكم . ثلاث مرات ، فأجاب العباد فقالوا : لبيك اللهم لبيك، ربنا لبيك لبيك، اللهم ربنا لبيك قال : فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : لما فرغ إبراهيم وإسماعيل من بناء البيت أمر إبراهيم أن يؤذن بالحج، فقام على الصفا فنادى بصوت سمعه ما بين المشرق والمغرب : يا أيها الناس، أجيبوا إلى ربكم . فأجابوه وهم في أصلاب آبائهم فقالوا : لبيك ، قال : فإنما يحج البيت اليوم من أجاب إبراهيم يومئذ .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما أذن إبراهيم بالحج قال : يا أيها الناس، أجيبوا ربكم . فلبى كل رطب ويابس .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في " الشعب " عن مجاهد قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام، فنادى بصوت أسمع من بين المشرق والمغرب : يا أيها الناس، أجيبوا [ ص: 468 ] ربكم .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في " الشعب " عن مجاهد قال : قال إبراهيم : كيف أقول؟ قال : قل : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فما خلق الله من جبل ولا شجر ولا شيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك ، فصارت التلبية .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : تطاول به المقام حتى كان كأطول جبل في الأرض، فأذن فيهم بالحج فأسمع من تحت البحور السبع، وقالوا : لبيك أطعنا ، لبيك أجبنا ، فكل من حج إلى يوم القيامة ممن أجاب له يومئذ .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : قيل لإبراهيم : أذن في الناس بالحج . قال : يا رب، كيف أقول؟ قال : قل : لبيك اللهم لبيك . فكان إبراهيم أول من لبى .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن عكرمة قال : لما أمر إبراهيم بالحج قام على المقام فنادى نداء سمعه جميع أهل الأرض : ألا إن ربكم قد وضع بيتا وأمركم أن تحجوه . فجعل الله في أثر قدميه آية في الصخرة .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن عطاء قال : صعد إبراهيم على الصفا فقال : يا أيها الناس، أجيبوا ربكم ، فأسمع من كان حيا في أصلاب [ ص: 469 ] الرجال .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : أجاب إبراهيم كل جني وإنسي وكل شجر وحجر .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في " شعب الإيمان "، عن ابن عباس قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج تواضعت له الجبال ورفعت له الأرض فقام فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : صعد إبراهيم أبا قبيس فقال : الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن إبراهيم رسول الله ، أيها الناس، إن الله أمرني أن أنادي في الناس بالحج ، أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأجابه من أخذ الله ميثاقه بالحج إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : وأذن في الناس بالحج يعني بالناس أهل القبلة، ألم تسمع أنه قال : إن أول بيت وضع للناس إلى قوله : ومن دخله كان آمنا [ آل عمران : 96، 97 ] يقول : ومن دخله من الناس [ ص: 470 ] الذين أمر أن يؤذن فيهم وكتب عليهم الحج .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس : يأتوك رجالا قال : مشاة : وعلى كل ضامر قال : الإبل : يأتين من كل فج عميق قال : بعيد .

وأخرج الخطيب في " تاريخه " عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت ابن عباس يقول : ما آسي على شيء إلا أني لم أكن حججت راجلا؛ لأني سمعت الله يقول : يأتوك رجالا وهكذا كان يقرؤها .

وأخرج ابن سعد ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : ما آسى على شيء فاتني إلا أني لم أحج ماشيا حتى أدركني الكبر، أسمع الله تعالى يقول : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر فبدأ بالرجال قبل الركبان .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير عن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل حجا وهما ماشيان .

[ ص: 471 ] وأخرج ابن خزيمة ، والحاكم وصححه ، والبيهقي ، عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم . قيل : وما حسنات الحرم؟ قال : بكل حسنة مائة ألف حسنة .

وأخرج ابن سعد ، وابن مردويه والضياء في " المختارة " ، عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة، وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم . قيل : يا رسول الله، وما حسنات الحرم؟ قال : الحسنة مائة ألف حسنة .

وأخرج البيهقي في " الشعب " وضعفه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الملائكة لتصافح ركاب الحجاج وتعتنق المشاة .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : يأتوك رجالا قال : على أرجلهم : وعلى كل ضامر قال : الإبل : يأتين من كل فج عميق [ ص: 472 ] يعني مكان بعيد .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن مجاهد قال : كانوا يحجون ولا يتزودون، فأنزل الله : وتزودوا [ البقرة : 197 ] ، وكانوا يحجون ولا يركبون فأنزل الله : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر فأمرهم بالزاد، ورخص لهم في الركوب والمتجر .

وأخرج الطستي في " مسائله " ، عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : من كل فج عميق قال : طريق بعيد . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر :


حازوا العيال وسدوا الفجاج بأجساد عاد لها آبدات



وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر قال : هم المشاة والركبان .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : وعلى كل ضامر قال : ما تبلغه المطي حتى تضمر .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : من كل فج عميق قال : طريق بعيد .

[ ص: 473 ] وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله .

وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية : من كل فج عميق قال : مكان بعيد .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن قتادة مثله .

وأخرج عبد الرزاق في " المصنف " عن عبيد بن عمير قال : لقي عمر بن الخطاب ركبا يريدون البيت فقال : من أنتم؟ فأجابه أحدثهم سنا فقال : عباد الله مسلمون . قال : من أين جئتم؟ قال : من الفج العميق ، قال : أين تريدون؟ قال : البيت العتيق ، فقال عمر : تأولها لعمر الله . فقال عمر : من أميركم؟ فأشار إلى شيخ منهم، فقال عمر : بل أنت أميرهم . لأحدثهم سنا الذي أجابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية