صفحة جزء
[ ص: 5 ] قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآيات .

أخرج الفريابي ، وابن جرير ، من طريق عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصار، قال : قالت امرأة : يا رسول الله : إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد، ولد ولا والد، فيأتيني الآتي فيدخل علي، فكيف أصنع؟ ولفظ ابن جرير : وأنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال، فنزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآية .

وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في "المصاحف"، وابن منده في "غرائب شعبة"، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والضياء في "المختارة"، من طرق عن ابن عباس في قوله : حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها قال : أخطأ الكاتب إنما هي : حتى تستأذنوا . [ ص: 6 ] وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن إبراهيم قال : في مصحف عبد الله : (حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا) .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن عكرمة ، قال : هي في قراءة أبي : (حتى تسلموا وتستأذنوا) .

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في "المصاحف"، عن ابن عباس في قوله : حتى تستأنسوا قال : حتى تستأذنوا .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : الاستئناس : الاستئذان .

وأخرج ابن أبي شيبة ، والحكيم الترمذي ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي أيوب قال : قلت : يا رسول الله، أرأيت قول الله : حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها هذا التسليم قد عرفناه، فما الاستئناس؟ قال : «يتكلم الرجل بتسبيحة، وتكبيرة، وتحميدة، ويتنحنح، فيؤذن أهل [ ص: 7 ] البيت» .

وأخرج الطبراني ، عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الاستئناس : أن تدعو الخادم حتى يستأنس أهل البيت الذين يسلم عليهم» .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن مجاهد في قوله : حتى تستأنسوا قال : تنحنحوا وتنخموا .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري في "الأدب"، وأبو داود ، والبيهقي في "سننه"، من طريق ربعي قال : حدثنا رجل من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال : أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه : «اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له : قل : السلام عليكم، أأدخل؟»

[ ص: 8 ] وأخرج ابن جرير ، عن عمرو بن سعيد الثقفي، أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة : «قومي إلى هذا فعلميه؛ فإنه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول : السلام عليكم، أأدخل» .

وأخرج ابن سعد ، وأحمد ، والبخاري في "الأدب"، وأبو داود ، والترمذي وحسنه، والنسائي ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، من طريق كلدة، أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلبأ وضغابيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال : فدخلت عليه ولم أسلم، ولم أستأذن . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ارجع فقل : السلام عليكم، أأدخل» .

وأخرج قاسم بن أصبغ، وابن عبد البر في "التمهيد"، عن ابن عباس قال : استأذن عمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام على رسول الله، السلام عليكم، [ ص: 9 ] أيدخل عمر؟

وأخرج ابن وهب في كتاب "المجالس"، وابن أبي شيبة ، عن زيد بن أسلم قال : أرسلني أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت : أألج؟ فقال : ادخل . فلما دخلت قال : مرحبا يا ابن أخي، لا تقل : أألج؟ ولكن قل : السلام عليكم، فإذا قالوا وعليك . فقل : أأدخل؟ فإن قالوا : ادخل . فادخل .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أم إياس قالت : كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت : ندخل؟ فقالت : لا، فقالت واحدة : السلام عليكم، أندخل؟ قالت : ادخلوا . ثم قالت : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها .

وأخرج الترمذي ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «السلام قبل الكلام» .

وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في "الأدب"، عن أبي هريرة ، فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام .

وأخرج البخاري في "الأدب"، عن أبي هريرة قال : إذا دخل ولم يقل : [ ص: 10 ] السلام عليكم . فقل : لا، حتى تأتي بالمفتاح .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي عبيدة قال : كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس؛ تكلم ورفع صوته .

وأخرج ابن جرير ، والبيهقي ، عن ابن مسعود ، قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم .

وأخرج البخاري في "الأدب"، وأبو داود ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا دخل البصر فلا إذن له» .

وأخرج ابن مردويه ، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستئذان في البيوت فقال : «من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله، ولا إذن له» .

وأخرج الطبراني ، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من كان يشهد أني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس ويسلم، فإذا نظر في قعر البيت فقد دخل» .

[ ص: 11 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وأبو داود ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن هزيل قال : جاء رجل فوقف على باب النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن، فقام على الباب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «هكذا عنك، فإنما الاستئذان من النظر» .

وأخرج البخاري في "الأدب"، وأبو داود ، عن عبد الله بن بسر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول : «السلام عليكم، السلام عليكم» . وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور .

وأخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، عن سهل بن سعد قال : اطلع رجل من حجر في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه مدرى يحك بها رأسه فقال : «لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها في عينك، إنما جعل [ ص: 12 ] الاستئذان من أجل البصر»، وفي لفظ : «إنما جعل الله الإذن من أجل البصر» .

وأخرج الطبراني ، عن سعد بن عبادة قال : جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت، فقمت مقابل الباب فاستأذنت، فأشار إلي؛ أن تباعد، وقال : «وهل الاستئذان إلا من أجل النظر» .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن قتادة في قوله : حتى تستأنسوا قال : هو الاستئذان، قال : وكان يقال : الاستئذان ثلاث، فمن لم يؤذن له فيهن فليرجع، أما الأولى فيسمع الحي، وأما الثانية فيأخذوا حذرهم، وأما الثالثة : فإن شاءوا أذنوا، وإن شاءوا ردوا .

وأخرج مالك ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت جالسا في مجلس من مجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له : ما أفزعك؟ قال : أمرني عمر أن آتيه فأتيته فاستأذنت ثلاثا، فلم يؤذن لي، فرجعت، فقال : ما منعك أن تأتيني؟ قلت : قد جئت فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له [ ص: 13 ] فليرجع» . قال : لتأتيني على هذا بالبينة . فقالوا : لا يقوم إلا أصغر القوم . فقام أبو سعيد معه فشهد له، فقال عمر لأبي موسى : إني لم أتهمك، ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله : لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم يعني : بيوتا ليس لكم، حتى تستأنسوا وتسلموا فيها تقديم، يعني : حتى تسلموا ثم تستأذنوا، والسلام قبل الاستئذان، ذلكم يعني الاستئذان والتسليم، خير لكم يعني : أفضل من أن تدخلوا من غير إذن، ألا تأثموا ويأخذ أهل البيت حذرهم، لعلكم تذكرون ، فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم يعني : في الدخول، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا يعني : لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس، هو أزكى لكم يعني : الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم، والله بما تعملون عليم يعني : بما يكون عليم .

ليس عليكم جناح يعني : لا حرج عليكم، أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة يعني : ليس بها ساكن، وهي الخانات التي على طرق الناس للمسافر، لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان ولا تسليم، فيها متاع لكم يعني : منافع من البرد والحر .

[ ص: 14 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : فإن لم تجدوا فيها أحدا يقول : إن لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن . وفي قوله : ليس عليكم جناح الآية . قال : كانوا يضعون بطرق المدينة أقتابا وأمتعات في بيوت ليس فيها أحد، فأحلت لهم أن يدخلوها بغير إذن .

وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : بيوتا غير مسكونة قال : هي بالبيوت التي منزلها السفر لا يسكنها أحد .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن محمد بن الحنفية في قوله : بيوتا غير مسكونة قال : هي هذه الخانات التي في الطرق .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عطاء في قوله : فيها متاع لكم قال : الخلاء والبول .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عكرمة في قوله : بيوتا غير مسكونة قال : هي البيوت الخربة لقضاء الحاجة .

[ ص: 15 ] وأخرج عبد بن حميد ، عن إبراهيم النخعي، مثله .

وأخرج عبد بن حميد ، عن الضحاك في قوله : فيها متاع لكم يعني : الخانات، يستنفع بها من المطر والحر والبرد .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : بيوتا غير مسكونة قال : هذه البيوت التي ينزلها الناس في أسفارهم، لا أحد فيها، وفي قوله : فيها متاع لكم قال : بلغة ومنفعة .

وأخرج أبو يعلى ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن أنس قال : قال رجل من المهاجرين : لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها، أن أستأذن على بعض إخواني فيقول لي : ارجع، فأرجع وأنا مغتبط لقوله تعالى : وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل بن حيان قال : كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه لا يسلم عليه، يقول : حييت صباحا، وحييت مساء . وكان ذلك تحية القوم بينهم، وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول : قد دخلت، فيشق ذلك على الرجل، ولعله يكون مع أهله، فغير الله [ ص: 16 ] ذلك كله في ستر وعفة فقال : لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآية . فلما نزلت آية التسليم والاستئذان في البيوت، قال أبو بكر : يا رسول الله، فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس، ولهم بيوت معلومة على الطريق، فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيها سكان؟ فرخص الله في ذلك، فأنزل : ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة بغير إذن .

وأخرج البخاري في "الأدب"، وأبو داود في "الناسخ"، وابن جرير ، عن ابن عباس قال : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها فنسخ واستثنى من ذلك فقال : ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية