صفحة جزء
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم الآية .

[ ص: 101 ] أخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة، صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما، فقالت أسماء : يا رسول الله، ما أقبح هذا! إنه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد غلامهما بغير إذن . فأنزل الله في ذلك : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم يعني العبيد والإماء، والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : من أحراركم من الرجال والنساء .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي في هذه الآية قال : كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا، ثم يخرجوا إلى الصلاة، فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان ألا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا بإذن .

وأخرج ابن مردويه ، عن ثعلبة القرظي، عن عبد الله بن سويد قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث، فقال : «إذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة لم يلج علي أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم، ولا أحد لم يبلغ من الأحرار إلا بإذن، وإذا وضعت ثيابي بعد صلاة العشاء ومن قبل [ ص: 102 ] صلاة الصبح» .

وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري في "الأدب"، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، أنه ركب إلى عبد الله بن سويد، أخي بني حارثة بن الحارث، يسأله عن العورات الثلاث، وكان يعمل بهن، فقال : ما تريد؟ فقلت : أريد أن أعمل بهن . فقال : إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي بلغ الحلم إلا بإذني، إلا أن أدعوه، فذلك إذنه، ولا إذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى تصلى الصلاة، ولا إذا صليت العشاء الآخرة ووضعت ثيابي حتى أنام، قال : فتلك العورات الثلاث .

وأخرج ابن سعد ، عن سويد بن النعمان، أنه سئل عن العورات الثلاث فقال : إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي إلا بإذني، إلا أن أدعوه فذلك إذنه، وإذا طلع الفجر وتحرك الناس، حتى يصلى الصبح، وإذا صليت العشاء وضعت ثيابي، فتلك العورات الثلاث .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأبو داود ، وابن مردويه ، والبيهقي في "سننه"، عن ابن عباس قال : آية لم يؤمن بها أكثر الناس، آية الإذن، [ ص: 103 ] وإني لآمر جاريتي، هذه لجارية قصيرة قائمة على رأسه- أن تستأذن علي .

وأخرج عبد بن حميد ، عن سعيد بن جبير قال : هذه الآية مما تهاون الناس بها : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم وما نسخت قط .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في قوله : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال : ليست بمنسوخة، قيل : فإن الناس لا يعملون بها؟ قال : الله المستعان .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : يمكث الشيطان على الناس في الساعات، الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم الآية، والآية التي في سورة "النساء" : وإذا حضر القسمة [النساء : 8] . والآية التي في "الحجرات" : إن أكرمكم عند الله أتقاكم [الحجرات : 13] .

[ ص: 104 ] وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "السنن"، عن ابن عباس في قوله : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال : إذا خلا الرجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا بإذنه حتى يصلي الغداة، وإذا خلا بأهله عند الظهر، فمثل ذلك، ورخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن، وهو قوله : ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن فأما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا بإذن على كل حال، وهو قوله : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم .

وأخرج أبو داود ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في "السنن"، عن ابن عباس أن رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث العورات التي أمر الله بها في القرآن، فقال ابن عباس : إن الله ستير يحب الستر، وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم، ولا حجال في بيوتهم، فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده، أو يتيمه في حجره وهو على أهله، فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله، ثم جاء الله بعد بالستور وبسط عليهم في الرزق، فاتخذوا الستور، واتخذوا الحجال، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به .

[ ص: 105 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في "الأدب"، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عمر في قوله : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال : هي على الذكور دون الإناث .

وأخرج الفريابي ، عن ابن عمر في قوله : ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم قال : هو للإناث دون الذكور، أن يدخلوا بغير إذن .

وأخرج ابن مردويه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم الآية . قال : نزلت في النساء أن يستأذن علينا .

وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب في قوله : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال : النساء؛ فإن الرجال يستأذنون .

وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي عبد الرحمن السلمي في هذه الآية قال : هي في النساء خاصة، الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار .

وأخرج الفريابي ، عن موسى بن أبي عائشة قال : سألت الشعبي عن هذه [ ص: 106 ] الآية : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم أمنسوخة هي؟ قال : لا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : أبناءكم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله : طوافون قال : يعني بالطوافين الدخول والخروج غدوة وعشية بغير إذن . وفي قوله : وإذا بلغ الأطفال يعني الصغار، منكم الحلم يعني : من الأحرار من ولد الرجل وأقاربه، فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم يعني : كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : كما استأذن الذين من قبلهم قال : كما استأذن الذين بلغوا الحلم من قبلهم، الذين أمروا بالاستئذان على كل حال .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : ليستأذن الرجل على أمه، فإنما نزلت : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم في ذلك .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، والبيهقي في "السنن"، عن ابن [ ص: 107 ] مسعود قال : عليكم إذن على أمهاتكم .

وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في "الأدب"، عن ابن مسعود ، أن رجلا سأله : أأستأذن على أمي؟ فقال : نعم، ما على كل أحيانها تحب أن تراها .

وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في "الأدب"، عن جابر قال : ليستأذن الرجل على ولده وأمه - وإن كانت عجوزا - وأخيه وأخته وأبيه .

وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في "الأدب"، عن ابن مسعود قال : يستأذن الرجل على أبيه وأمه، وأخيه وأخته .

وأخرج سعيد بن منصور ، والبخاري في "الأدب"، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن عطاء، أنه سأل ابن عباس : أستأذن على أختي؟ قال : نعم . قلت : إنها في حجري، وإني أنفق عليها، وإنها معي في البيت، أستأذن عليها؟! قال : نعم، إن الله يقول : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم الآية . فلم يؤمر هؤلاء بالإذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث . قال : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم [ ص: 108 ] فالإذن واجب على خلق الله أجمعين .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن زيد بن أسلم، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أستأذن على أمي؟ قال : «نعم، أتحب أن تراها عريانة؟» .

وأخرج ابن جرير ، والبيهقي في "السنن"، عن عطاء بن يسار، أن رجلا قال : يا رسول الله، أستأذن على أمي؟ قال : «نعم» . قال : إني معها في البيت! قال : «استأذن عليها» . قال : إني خادمها، أفأستأذن عليها كلما دخلت؟ قال : «أتحب أن تراها عريانة؟» . قال : لا . قال : «فاستأذن عليها» .

وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في "الأدب"، والبيهقي ، عن حذيفة، أنه سئل : أيستأذن الرجل على والدته؟ قال : نعم، إن لم تفعل رأيت منها ما تكره .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين في قوله : والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : كانوا يعلمونا إذا جاء أحدنا أن يقول : السلام عليكم، أيدخل فلان؟

[ ص: 109 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، قال الله تعالى : ومن بعد صلاة العشاء وإنما العتمة عتمة الإبل» .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن مردويه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنما هي في كتاب الله العشاء، وإنما يعتم بحلاب الإبل» .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عاصم ، أنه قرأ : (ثلاث عورات) بالنصب .

التالي السابق


الخدمات العلمية