صفحة جزء
قوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك الآية .

[ ص: 140 ] أخرج ابن سعد والبخاري ومسلم ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "سننه"، عن عائشة قالت : خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين . فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت وقالت : يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا، فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه، فقال : إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي مالك قال : كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فقيل : ذلك للمنافقين فقالوا : إنما نفعله بالإماء، فنزلت هذه الآية : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين فأمر بذلك حتى عرفوا من الإماء .

وأخرج ابن جرير عن أبي صالح قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان [ ص: 141 ] رجال يجلسون على الطريق للغزل فأنزل الله يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك الآية، يقنعن بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة .

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له، قال : كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن؛ تخمر وجهها إلا إحدى عينيها، ذلك أدنى أن يعرفن يقول : ذلك أحرى أن يعرفن .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة .

وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد وأبو داود، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن أم سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية : يدنين عليهن من جلابيبهن خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال : كان عمر بن الخطاب لا يدع في [ ص: 142 ] خلافته أمة تقنع ويقول : إنما القناع للحرائر؛ لكيلا يؤذين .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد عن أنس قال : رأى عمر جارية متقنعة فضربها بدرته وقال : ألقي القناع لا تشبهن بالحرائر .

وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : رحم الله نساء الأنصار؛ لما نزلت : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك الآية، شققن مروطهن، فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما على رؤوسهن الغربان .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب أنه قيل له : الأمة تزوج فتختمر؟ قال : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن فنهى الله الإماء أن يتشبهن بالحرائر .

وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة عن هذه الآية : يدنين عليهن من جلابيبهن فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها، وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر مما يلي العين .

[ ص: 143 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن قال : أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقذفنها على الحواجب، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال : قد كانت المملوكة يتناولونها فنهى الله الحرائر يتشبهن بالإماء .

وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي في الآية قال : كن النساء يخرجن إلى الجبابين لقضاء حوائجهن، فكان الفساق يتعرضون لهن فيؤذونهن، فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى تعلم الحرة من الأمة .

وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة أن دعارا من دعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل فينظرون النساء ويغمزونهن، وكانوا لا يفعلون ذلك بالحرائر، إنما يفعلون ذلك بالإماء فأنزل الله هذه الآية : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين إلى آخر الآية .

وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : كانت الحرة تلبس لباس الأمة فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، وإدناء الجلباب أن تقنع وتشده على جبينها .

وأخرج ابن سعد عن الحسن في قوله : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال : إماء كن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين، فكانت الحرة تخرج، [ ص: 144 ] فتحسب أنها أمة فتؤذى، فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، فيتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يتبغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا : هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا : هذه أمة فوثبوا عليها .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : يدنين عليهن قال : يسدلن عليهن من جلابيبهن، وهو القناع فوق الخمار، ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : تدني الجلباب حتى لا ترى ثغرة نحرها .

وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مسعود في قوله : يدنين عليهن من جلابيبهن قال : هو الرداء .

وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن [ ص: 145 ] المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : يدنين عليهن من جلابيبهن قال : يتجلببن بها فيعلم أنهن حرائر، فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة السلماني عن قول الله : يدنين عليهن من جلابيبهن فتقنع بملحفة، فغطى رأسه ووجهه . وأخرج إحدى عينيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية