صفحة جزء
قوله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية .

أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن أبي مليكة قال : لما كان يوم الفتح رقي بلال فأذن على الكعبة، فقال بعض الناس : هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة . وقال بعضهم : إن يسخط الله هذا يغيره . فنزلت : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج، قال : أذن بلال يوم الفتح على الكعبة، [ ص: 592 ] فقال الحارث بن هشام : يهذي العبد حين يؤذن على الكعبة . فقال خالد بن أسيد : الحمد لله الذي أكرم أسيدا أن يرى هذا . وقال سهيل بن عمرو : إن يكره الله هذا ينزل فيه . وسكت أبو سفيان، فنزلت : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى . الآية .

وأخرج أبو داود في "مراسيله"، وابن مردويه والبيهقي في سننه عن الزهري قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا : يا رسول الله، أتزوج بناتنا موالينا؟ فأنزل الله : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية . قال الزهري : نزلت في أبي هند خاصة، قال : وكان أبو هند حجام النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن مردويه، من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنكحوا أبا هند، وأنكحوا إليه . قالت : ونزلت : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية .

وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال : ما خلق الله الولد إلا من نطفة الرجل والمرأة جميعا، وذلك أن الله يقول : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .

[ ص: 593 ] وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية في الحجرات : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى هي مكية، وهي للعرب خاصة؛ الموالي أي قبيلة لهم وأي شعاب . وقوله : إن أكرمكم عند الله أتقاكم قال : أتقاكم للشرك .

وأخرج البخاري، وابن جرير عن ابن عباس : وجعلناكم شعوبا وقبائل قال : الشعوب القبائل العظام والقبائل البطون .

وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها .

وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن ابن عباس وجعلناكم شعوبا وقبائل قال : القبائل الأفخاذ، والشعوب الجمهور مثل مضر .

وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : وجعلناكم شعوبا وقبائل قال : الشعب هو النسب البعيد، والقبائل كما سمعته يقول : فلان من بني فلان .

[ ص: 594 ] وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد : وجعلناكم شعوبا قال : النسب البعيد، وقبائل قال : دون ذلك، جعلنا هذا لتعرفوا فلان بن فلان من كذا وكذا .

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : القبائل رءوس القبائل، والشعوب الفصائل والأفخاذ .

وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه فلما خرج لم يجد مناخا، فنزل على أيدي الرجال فخطبهم فحمد الله، وأثنى عليه، وقال : الحمد لله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية، وتكبرها بآبائها، الناس رجلان؛ بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب، قال الله : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى إلى قوله : خبير ثم قال : أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم .

[ ص: 595 ] وأخرج ابن مردويه والبيهقي، عن جابر بن عبد الله قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال : يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، ألا إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت؟ قالوا : بلى، يا رسول الله . قال : فليبلغ الشاهد الغائب .

وأخرج البيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها، كلكم لآدم وحواء كطف الصاع بالصاع، وأن أكرمكم عند الله أتقاكم، فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه .

وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن مردويه، والبيهقي عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أنسابكم هذه ليست بمسبة على أحد، كلكم بنو آدم، طف الصاع لم تملئوه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى، إن الله لا يسألكم عن أحسابكم، ولا عن أنسابكم يوم القيامة، أكرمكم عند الله أتقاكم .

[ ص: 596 ] وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يقول يوم القيامة : أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم، ورفعتم أنسابكم، فاليوم أرفع نسبي، وأضع أنسابكم، أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم .

وأخرج الطبراني، وابن مردويه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله يوم القيامة : أيها الناس إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم عند الله أتقاكم، فأبيتم إلا أن تقولوا : فلان أكرم من فلان، وفلان أكرم من فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم، ألا إن أوليائي المتقون .

وأخرج الخطيب عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة أوقف العباد بين يدي الله تعالى غرلا بهما، فيقول الله : عبادي، أمرتكم فضيعتم أمري، ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بها، اليوم أضع أنسابكم، أنا الملك الديان، أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم .

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي [ ص: 597 ] على عربي، ولا أحمر على أبيض، ولا أبيض على أحمر إلا بالتقوى .

وأخرج الطبراني عن حبيب بن خراش العصري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى .

وأخرج أحمد، عن رجل من بني سليط قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، التقوى هاهنا . وقال بيده إلى صدره، وما تواد رجلان في الله فيفرق بينهما، إلا حدث يحدث أحدهما، والمحدث شر والمحدث شر والمحدث شر .

وأخرج البخاري والنسائي، عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أكرم؟ قال : أكرمهم عند الله أتقاهم . قالوا : ليس عن هذا نسألك قال : فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا : نعم . قال : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا .

وأخرج أحمد، عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود، إلا أن تفضله بتقوى .

[ ص: 598 ] وأخرج البخاري في "الأدب" عن ابن عباس قال : لا أرى أحدا

يعمل بهذه الآية : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى حتى بلغ : إن أكرمكم عند الله أتقاكم فيقول الرجل للرجل : أنا أكرم منك . فليس أحد أكرم من أحد إلا بتقوى الله .

وأخرج البخاري في "الأدب" عن ابن عباس قال : ما تعدون الكرم، وقد بين الله الكرم؟ وأكرمكم عند الله أتقاكم، وما تعدون الحسب؟ أفضلكم حسبا أحسنكم خلقا .

وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان" والخرائطي في "مكارم الأخلاق" عن درة بنت أبي لهب قالت : قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال : يا رسول الله، أي الناس خير؟ فقال : خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله عز وجل، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم للرحم .

وأخرج أحمد، وعبد بن حميد في تفسيره، والترمذي وصححه، وابن ماجه، والطبراني ، والدارقطني، والحاكم وصححه، [ ص: 599 ] عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحسب المال، والكرم التقوى .

وأخرج أحمد عن عائشة قالت : ما أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من الدنيا، ولا أعجبه أحد قط إلا ذو تقوى .

وأخرج الحكيم الترمذي، عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء، ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء .

وأخرج الحكيم الترمذي، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحياء زينة، والتقى كرم، وخير المركب الصبر، وانتظار الفرج من الله عبادة .

وأخرج الحكيم الترمذي، والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أراد الله بعبده خيرا جعل غناه في نفسه، وتقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شرا جعل فقره بين عينيه .

[ ص: 600 ] وأخرج أبو يعلى وابن الضريس في "فضائل القرآن" والخطيب، عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أوصني . فقال : عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين وعليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء واخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان .

وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي نضرة أن رجلا رأى أنه دخل الجنة فرأى مملوكه فوقه مثل الكوكب فقال : والله يا رب إن هذا لمملوكي في الدنيا فما أنزله هذه المنزلة؟ قال : كان هذا أحسن عملا منك .

وأخرج الترمذي، وابن جرير والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر .

[ ص: 601 ] وأخرج البزار عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان .

وأخرج أحمد، والبخاري في "تاريخه"، وأبو يعلى، والبغوي، وابن قانع، والطبراني ، والبيهقي في "شعب الإيمان، عن أبي ريحانة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزا وكرما فهو عاشرهم في النار .

وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربع من الجاهلية لا تتركهن أمتي : الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة .

وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في الأنساب، [ ص: 602 ] والنياحة على الميت .

التالي السابق


الخدمات العلمية