صفحة جزء
قوله تعالى : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .

أخرج مسلم ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : مطر الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا : هذه رحمة وضعها الله، وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا وكذا» فنزلت هذه الآية : فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ [ ص: 225 ] وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .

وأخرج أبو عبيد في «فضائله» وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن عباس أنه كان يقرأ : (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) قال : يعني الأنواء، وما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا، وكانوا يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله تعالى : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سافر في حر شديد، فنزل الناس على غير ماء فعطشوا، فاستسقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم : «فلعلي لو فعلت فسقيتم قلتم : هذا بنوء كذا وكذا»! قالوا : يا نبي الله، ما هذا بحين أنواء، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ، ثم قام فصلى فدعا الله، فهاجت ريح، وثاب سحاب، فمطروا حتى سال كل واد، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يغترف بقدحه وهو ويقول : هذا بنوء فلان، فنزل : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي حزرة قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار في غزوة تبوك، ونزلوا الحجر، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا يحملوا من مائها شيئا، ثم ارتحل، ثم نزل منزلا آخر وليس معهم ماء، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام يصلي ركعتين، ثم دعا، فأرسل الله سحابة، فأمطرت عليهم حتى استقوا منها، فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق : ويحك، قد ترى ما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمطر الله علينا السماء! فقال : إنما مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .

وأخرج أحمد ، وابن منيع، وعبد بن حميد ، والترمذي وحسنه، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق»، وابن مردويه ، والضياء في «المختارة» عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : «شكركم، تقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا» .

[ ص: 227 ] وأخرج ابن جرير ، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «ما مطر قوم من ليلة إلا أصبح قوم بها كافرين» ثم قال : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون يقول قائل : مطرنا بنجم كذا وكذا .

وأخرج ابن عساكر في «تاريخه» عن عائشة قالت : ما فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من القرآن إلا آيات يسيرة، قوله : وتجعلون رزقكم قال : «شكركم» .

وأخرج ابن مردويه ، عن علي، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قرأ : (وتجعلون شكركم) .

وأخرج ابن مردويه ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قرأ علي «الواقعة» [ ص: 228 ] في الفجر، فقال : (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) فلما انصرف قال : قد عرفت أنه سيقول قائل : لم قرأها هكذا؟ إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها كذلك، كانوا إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله : (وتجعلون شكركم أنكم إذا مطرتم تكذبون) .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن أبي عبد الرحمن قال : كان علي يقرأ : (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) .

وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : أما الحسن فقال : بئس ما أخذ القوم لأنفسهم، لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب . قال : وذكر لنا أن الناس أمحلوا على عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم – فقالوا : يا نبي الله : لو استسقيت لنا؟ فقال : «عسى قوم إن سقوا أن يقولوا : سقينا بنوء كذا وكذا» فاستسقى لهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم – فمطروا، فقال رجل : إنه قد كان بقي من الأنواء كذا وكذا، فأنزل الله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : قولهم في الأنواء : مطرنا بنوء كذا وكذا، فيقول : قولوا : هو من عند الله وهو رزقه .

[ ص: 229 ] وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : الاستسقاء بالأنواء .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عوف، عن الحسن في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : تجعلون حظكم منه أنكم تكذبون، قال عوف : وبلغني أن مشركي العرب كانوا إذا مطروا في الجاهلية قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا .

وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والدارمي ، والنسائي ، وأبو يعلى، وابن حبان ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لو أمسك الله المطر عن الناس سبع سنين ثم أرسله، لأصبحت طائفة كافرين؛ قالوا : هذا بنوء المجدح» يعني الدبران .

وأخرج مالك، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم وأبو داود ، والنسائي ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن زيد بن خالد الجهني قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – صلاة الصبح زمان الحديبية في إثر سماء [ ص: 230 ] فلما سلم أقبل علينا فقال : «ألم تسمعوا ما قال ربكم في هذه الليلة : ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين، فأما من آمن بي وحمدني على سقياي، فذلك الذي آمن بي وكفر بالكوكب، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بي» .

وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوما لأصحابه : «هل تدرون ماذا قال ربكم»؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «إنه يقول : إن الذين يقولون : نسقى بنجم كذا وكذا فقد كفر بالله وآمن بذلك النجم، والذين يقولون : سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بذلك النجم» .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عبد الله بن محيريز، أن سليمان بن عبد الملك دعاه فقال : لو تعلمت علم النجوم فازددت إلى علمك، فقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث؛ حيف الأئمة، وتكذيب بالقدر، وإيمان بالنجوم» .

وأخرج عبد بن حميد ، عن رجاء بن حيوة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «مما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم، والتكذيب بالقدر، وظلم الأئمة» .

[ ص: 231 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن جابر السوائي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أخاف على أمتي ثلاثا؛ استسقاء بالأنواء، وحيف السلطان، وتكذيبا بالقدر» .

وأخرج أحمد ، عن معاوية الليثي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «يكون الناس مجدبين، فينزل الله عليهم رزقا من رزقه، فيصبحون مشركين» قيل له : كيف ذاك يا رسول الله؟ قال : «يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا» .

وأخرج ابن جرير ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن الله ليصبح القوم بالنعمة، أو يمسيهم بها، فيصبح بها قوم كافرين؛ يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا» .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : (وتجعلون شكركم) يقول : على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة؛ يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا، وكان ذلك منهم كفرا بما أنعم الله عليهم .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال : ما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا؛ يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا، وقرأ ابن عباس : (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) .

[ ص: 232 ] وأخرج ابن جرير ، عن عطاء الخراساني في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : كان ناس يمطرون فيقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية