صفحة جزء
قوله تعالى : هو الأول والآخر .

أخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ في [ ص: 258 ] «العظمة»، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي هريرة قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وأصحابه، إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : «هل تدرون ما هذا؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «هذا العنان، هذه روايا الأرض، يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» ثم قال : «هل تدرون ما فوقكم؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «فإنها الرقيع؛ سقف محفوظ، وموج مكفوف»، ثم قال : «هل تدرون كم بينكم وبينها؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «بينكم وبينها خمسمائة سنة» ثم قال : «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة» حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض، ثم قال : «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «فإن فوق ذلك العرش، وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين» ثم قال : «هل تدرون ما الذي تحتكم؟» قالوا : الله ورسوله أعلم قال : «فإنها الأرض» ثم قال : «هل تدرون ما الذي تحت ذلك؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة عام» حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة، ثم قال : [ ص: 259 ] «والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله»، ثم قرأ : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم قال : الترمذي : فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا : إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه .

وأخرج ابن مردويه ، عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «والذي نفس محمد بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة لقدم على ربه» ثم تلا : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم .

وأخرج البيهقي في «الأسماء والصفات» عن أم سلمة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بهؤلاء الكلمات : «اللهم أنت الأول فلا شيء قبلك، وأنت الآخر فلا شيء بعدك، أعوذ بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك، وأعوذ بك من الإثم والكسل، ومن عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة الغنى، ومن فتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم» .

وأخرج ابن أبي شيبة ، ومسلم ، والترمذي وحسنه، والبيهقي ، عن أبي هريرة قال : جاءت فاطمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادما فقال لها : «قولي : [ ص: 260 ] اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، وربنا، ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شيء، أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر» .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو عند النوم : «اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر» .

وأخرج البيهقي ، عن ابن عمر قال : كان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول : يا كائن قبل أن يكون شيء، والمكون لكل شيء، والكائن بعد ما لا يكون شيء، أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات الغافرات [ ص: 261 ] الواجبات المنجيات» .

وأخرج ابن أبي الدنيا، والبيهقي ، عن محمد بن علي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم عليا دعوة يدعو بها عند ما أهمه، فكان علي يعلمها ولده : «يا كائن قبل كل شيء، ويا مكون كل شيء، ويا كائن بعد كل شيء، افعل بي كذا وكذا» .

وأخرج البيهقي في «الأسماء والصفات» عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا في قوله عز وجل : هو الأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، والظاهر فوق كل شيء، والباطن أقرب من كل شيء، وإنما يعني بالقرب : بعلمه وقدرته، وهو فوق عرشه، وهو بكل شيء عليم هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام مقدار كل يوم ألف عام، ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض من القطر، وما يخرج منها من النبات، وما ينزل من السماء من القطر، وما يعرج فيها يعني : ما يصعد إلى السماء من الملائكة، وهو معكم أين ما كنتم يعني : قدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم، والله بما تعملون بصير

وأخرج أبو الشيخ في «العظمة» عن ابن عمر، وأبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «لا يزال الناس يسألون عن كل شيء، حتى يقولوا : هذا الله كان قبل كل شيء، فماذا كان قبل الله؟ فإن قالوا لكم ذلك فقولوا : هو الأول قبل [ ص: 262 ] كل شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فوق كل شيء، وهو الباطن دون كل شيء، وهو بكل شيء عليم» .

وأخرج أبو داود، عن أبي زميل قال : سألت ابن عباس فقلت : ما شيء أجده في صدري! قال : ما هو؟ قلت : والله لا أتكلم به، فقال لي : أشيء من شك، وضحك، قال : ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل الله تعالى : فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك الآية [يونس : 94] وقال لي : إذا وجدت في نفسك شيئا فقل : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم .

التالي السابق


الخدمات العلمية