صفحة جزء
قوله تعالى : ألم يأن للذين آمنوا الآية .

[ ص: 276 ] أخرج عبد بن حميد ، عن الحسن أنه قرأ : (ألما يأن للذين آمنوا) .

وأخرج ابن مردويه ، عن أنس ، لا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استبطأ الله قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن، فأنزل الله ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله الآية .

وأخرج ابن مردويه ، عن عائشة قالت : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون، فسحب رداءه، محمرا وجهه، فقال : «أتضحكون ولم يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم؟! ولقد أنزل علي في ضحككم آية : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله قالوا : يا رسول الله : فما كفارة ذلك؟ قال : «تبكون قدر ما ضحكتم» .

وأخرج مسلم ، والنسائي ، وابن ماجه، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله إلا أربع سنين .

وأخرج ابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، عن عبد الله بن الزبير ، أن ابن مسعود أخبره أنه لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية يعاتبهم الله بها إلا أربع سنين : ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون

وأخرج أبو يعلى، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله الآية، أقبل بعضنا على بعض : أي شيء أحدثنا؟! أي شيء صنعنا؟! .

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن فقال : ألم يأن للذين آمنوا الآية .

وأخرج ابن أبي شيبة في «المصنف» عن عبد العزيز بن أبي رواد، أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهر منهم المزاح والضحك فنزلت : ألم يأن للذين آمنوا الآية .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل بن حيان قال : كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخذوا في شيء من المزاح فأنزل الله : ألم يأن للذين آمنوا الآية .

وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق السدي ، عن القاسم قال : مل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله، فأنزل الله : نحن نقص عليك أحسن القصص [يوسف : 3] ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله، فنزل : الله نزل أحسن الحديث [الزمر : 23] ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله [ ص: 278 ] فأنزل الله : ألم يأن للذين آمنوا الآية .

وأخرج ابن المبارك ، وعبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن الأعمش قال : لما قدم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأصابوا من لين العيش ما أصابوا، بعدما كان بهم من الجهد، فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا، فنزلت : ألم يأن الآية .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن مسعود، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «ألا لا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم، ألا إن كل ما هو آت قريب، ألا إنما البعيد ما ليس بآت» .

وأخرجه ابن مردويه ، عن ابن مسعود، مرفوعا .

وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في «شعب الإيمان» عن عبد الله بن مسعود قال : إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، اخترعوا كتابا من عند أنفسهم، استهوته قلوبهم، واستحلته ألسنتهم، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون، فقالوا : اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل، فإن تابعوكم فاتركوهم، وإن خالفوكم فاقتلوهم، قالوا : لا، بل أرسلوا إلى فلان - رجل من علمائهم - فاعرضوا عليه هذا الكتاب، فإن تابعكم فلن يخالفكم أحد بعده، وإن خالفكم فاقتلوه، فلن يختلف عليكم أحد بعده، فأرسلوا إليه، فأخذ ورقة وكتب فيها [ ص: 279 ] كتاب الله، فوضعها في قرن، ثم علقها في عنقه، ثم لبس عليه الثياب، فعرضوا عليه الكتاب، فقالوا : أتؤمن بهذا؟ فأومأ إلى صدره فقال : آمنت بهذا، وما لي لا أومن بهذا؟! يعني الكتاب الذي في القرن، فخلوا سبيله، وكان له أصحاب يغشونه، فلما مات وجدوا القرن الذي فيه الكتاب معلقا عليه فقالوا : ألا ترون إلى قوله : آمنت بهذا ومالي لا أومن بهذا؟! إنما عنى هذا الكتاب، فاختلف بنو إسرائيل على بضع وسبعين ملة، وخير مللهم أصحاب ذي القرن .

قال عبد الله : وإن من بقي منكم سيرى منكرا، وبحسب امرئ يرى منكرا لا يستطيع أن يغيره أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره .

وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عمر، أنه كان إذا تلا هذه الآية : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله بكى، ثم قال : بلى يا رب بلى يا رب .

وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في الآية قال : كان شداد بن أوس يقول : أول ما يرفع من الناس الخشوع .

[ ص: 280 ] وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله قال : ذكر لنا أن شداد بن أوس كان يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول : «أول ما يرفع من الناس الخشوع» .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عكرمة : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم قال : يقول : ألم يتبين للذين آمنوا .

وأخرج ابن المبارك ، عن ابن عباس : اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قال : يعني أنه يلين القلوب بعد قسوتها .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : الأمد قال : الدهر .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، قال : جمع أبو موسى الأشعري القراء فقال : لا يدخلن عليكم إلا من جمع القرآن، فدخلنا زهاء ثلاثمائة رجل، فوعظنا، وقال : أنتم قراء هذه البلد، وأنتم، فلا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم، كما قست قلوب أهل الكتاب .

[ ص: 281 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية