صفحة جزء
قوله تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة .

أخرج سعيد بن منصور ، وابن سعد , والبزار , وابن جرير , ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم , والحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " ، والطبراني , والبيهقي , في " شعب الإيمان " , عن ابن مسعود قال : لما نزلت : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له . قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله , وإن الله ليريد منا القرض . قال : " نعم يا أبا الدحداح " . قال : أرني يدك يا رسول الله . فناوله يده . قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي . وحائط له فيه ستمائة نخلة , وأم الدحداح فيه وعيالها , فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح . قالت : لبيك . قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير , عن زيد بن أسلم قال : لما نزلت : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية . جاء ابن الدحداحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 123 ] فقال يا نبي الله , ألا أرى ربنا يستقرضنا مما أعطانا لأنفسنا، وإن لي أرضين ؛ إحداهما بالعالية، والأخرى بالسافلة , وإني قد جعلت خيرهما صدقة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " كم من عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة " .

وأخرج الطبراني في " الأوسط " عن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مثله .

وأخرج ابن مردويه , من طريق زيد بن أسلم , عن عطاء بن يسار , وعن الأعرج , عن أبي هريرة قال : لما نزلت : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا . قال أبو الدحداح : يا رسول الله ، لي حائطان ؛ أحدهما بالسافلة , والآخر بالعالية , وقد أقرضت ربي أحدهما . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قد قبله منك " . فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم اليتامى الذين في حجره ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " رب عذق لأبي الدحداح مدلى في الجنة " .

وأخرج ابن سعد عن يحيى بن أبي كثير قال : لما نزلت هذه الآية : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أهل الإسلام , أقرضوا الله من أموالكم يضاعفه لكم أضعافا كثيرة " . فقال له ابن الدحداحة : [ ص: 124 ] يا رسول الله , لي مالان ؛ مال بالعالية , ومال في بني ظفر , فابعث خارصك فليقبض خيرهما . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفروة بن عمرو : " انطلق فانظر خيرهما فدعه , واقبض الآخر " . فانطلق فأخبره , فقال : ما كنت لأقرض ربي شر ما أملك , ولكن أقرض ربي خير ما أملك , إني لا أخاف فقر الدنيا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا رب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة " .

وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال : استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل تمرا فلم يقرضه , وقال : لو كان هذا نبيا لم يستقرض . فأرسل الله إلى أبي الدحداح فاستقرضه , فقال : والله لأنت أحق بي وبمالي وولدي من نفسي , وإنما هو مالك , فخذ منه ما شئت , واترك لنا ما شئت . فلما توفي ابن الدحداح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رب عذق مذلل لابن الدحداح في الجنة " .

وأخرج ابن إسحاق ، وابن المنذر , عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية . في ثابت بن الدحداحة حين تصدق بماله .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم , عن عمر بن الخطاب في قوله : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا . قال : النفقة في سبيل الله .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير , عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا على [ ص: 125 ] عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع هذه الآية قال : أنا أقرض الله . فعمد إلى خير ماله فتصدق به .

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله : فيضاعفه له أضعافا كثيرة . قال : هذا التضعيف لا يعلم أحد ما هو .

وأخرج أحمد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم , عن أبي عثمان النهدي قال : بلغني عن أبي هريرة حديث أنه قال : إن الله ليكتب لعبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة . فحججت ذلك العام , ولم أكن أريد أن أحج إلا لألقاه في هذا الحديث , فلقيت أبا هريرة , فقلت له , فقال : ليس هذا قلت , ولم يحفظ الذي حدثك , إنما قلت : إن الله ليعطي العبد المؤمن بالحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة . ثم قال أبو هريرة : أوليس تجدون هذا في كتاب الله : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة . فالكثيرة عند الله أكثر من ألف ألف وألفي ألف , والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة " .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان في " صحيحه " وابن [ ص: 126 ] مردويه , والبيهقي , في " شعب الإيمان " عن ابن عمر قال : لما نزلت : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل إلى آخرها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رب زد أمتي " . فنزلت : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة . قال : " رب زد أمتي " . فنزلت : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب .

وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال : لما نزلت : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها . قال : " رب زد أمتي " . فنزلت : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية . قال : " رب زد أمتي " . فنزلت : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة الآية . قال : " رب زد أمتي " . فنزلت : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب فانتهى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله : قرضا حسنا قال : النفقة على الأهل .

وأخرج ابن أبي شيبة , ، وابن أبي حاتم , من طريق سفيان , عن أبي حيان , عن أبيه , عن شيخ لهم ، أنه كان إذا سمع السائل يقول : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا . قال : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , هذا القرض الحسن . [ ص: 127 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب ، أن رجلا قال له : سمعت رجلا يقول : من قرأ : قل هو الله أحد . مرة واحدة , بنى الله له عشرة آلاف ألف غرفة من در وياقوت في الجنة . أفأصدق بذلك؟ قال : نعم , أوعجبت من ذلك؟ وعشرين ألف ألف , وثلاثين ألف ألف , وما لا يحصى . ثم قرأ : فيضاعفه له أضعافا كثيرة . فالكثير من الله ما لا يحصى .

وأخرج أبو الشيخ في " العظمة " , والبيهقي في " شعب الإيمان " , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن ملكا بباب من أبواب السماء يقول : من يقرض الله اليوم يجز غدا . وملك بباب آخر ينادي : اللهم أعط منفقا خلفا , وأعط ممسكا تلفا . وملك بباب آخر ينادي : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم , ما قل وكفى خير مما كثر وألهى . وملك بباب آخر ينادي : يا بني آدم , لدوا للموت وابنوا للخراب " .

وأخرج البيهقي , في " شعب الإيمان " عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , يروي ذلك عن ربه عز وجل أنه يقول : " يا ابن آدم , أودع من كنزك عندي , ولا حرق ولا غرق ولا سرق , أوفيكه أحوج ما تكون إليه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية