صفحة جزء
قوله تعالى : ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم الآية .

أخرج الطيالسي ، وابن أبي حاتم ، عن علي بن أبي طالب قال : الذي حاج إبراهيم في ربه هو نمرود بن كنعان .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة والربيع والسدي ، مثله .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن زيد بن أسلم أن أول جبار كان في الأرض نمرود، وكان [ ص: 204 ] الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم عليه السلام يمتار مع من يمتار، فإذا مر به ناس قال : من ربكم؟ قالوا له : أنت ، حتى مر به إبراهيم فقال : من ربك ؟ قال : الذي يحيي ويميت . قال : أنا أحيي وأميت . قال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب . فبهت الذي كفر ، فرده بغير طعام ، فرجع إبراهيم إلى أهله ، فمر على كثيب من رمل أعفر فقال : ألا آخذ من هذا فآتي به أهلي ، فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم ؟ فأخذ منه فأتى أهله ، فوضع متاعه ثم نام ، فقامت امرأته إلى متاعه ، ففتحته ، فإذا هو بأجود طعام رآه أحد ، فصنعت له منه ، فقربته إليه ، وكان عهده بأهله أنه ليس عندهم طعام فقال : من أين هذا ؟ قالت من الطعام الذي جئت به . فعرف أن الله رزقه فحمد الله . ثم بعث الله إلى الجبار ملكا أن آمن بي وأتركك على ملكك . قال : فهل رب غيري ؟ فجاءه الثانية فقال له ذلك ، فأبى عليه ، ثم أتاه الثالثة فأبى عليه ، فقال له الملك : فاجمع جموعك إلى ثلاثة أيام، فجمع الجبار جموعه، فأمر الله الملك ففتح عليه بابا من البعوض ، فطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها ، فبعثها الله عليهم ، فأكلت شحومهم، وشربت دماءهم ، فلم يبق إلا العظام والملك كما هو لم يصبه من ذلك شيء ، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره ، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه [ ص: 205 ] وكان جبارا أربعمائة سنة ، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ، ثم أماته الله . وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء ، فأتى الله بنيانه من القواعد .

وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم قال : نمرود بن كنعان، يزعمون أنه أول من ملك في الأرض، أتي برجلين قتل أحدهما وترك الآخر ، فقال : أنا أحيي وأميت . قال : أستحيي : أترك من شئت، وأميت ؛ أقتل من شئت .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة قال : كنا نحدث أنه ملك يقال له نمرود بن كنعان، وهو أول ملك تجبر في الأرض ، وهو صاحب الصرح ببابل . ذكر لنا أنه دعا برجلين فقتل أحدهما واستحيا الآخر ، فقال : أنا أستحيي من شئت وأقتل من شئت .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : قال أنا أحيي وأميت قال : أقتل من شئت وأستحيي من شئت، أدعه حيا فلا أقتله . وقال : ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر : مؤمنان وكافران ؛ فالمؤمنان : سليمان بن داوود، وذو القرنين، والكافران : بختنصر ونمرود بن كنعان، لم يملكها غيرهم .

[ ص: 206 ] وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن السدي قال : لما خرج إبراهيم من النار أدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه ، فكلمه وقال له : من ربك؟ قال : ربي الذي يحيي ويميت . قال نمرود : أنا أحيي وأميت ؛ أنا أدخل أربعة نفر بيتا فلا يطعمون ولا يسقون، حتى إذا هلكوا من الجوع أطعمت اثنين وسقيتهما فعاشا ، وتركت اثنين فماتا . فعرف إبراهيم أنه يفعل ذلك ، قال له : فإن ربي الذي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب . فبهت الذي كفر وقال : إن هذا إنسان مجنون فأخرجوه ، ألا ترون أنه من جنونه اجترأ على آلهتكم فكسرها ، وأن النار لم تأكله ؟ وخشي أن يفتضح في قومه .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي : والله لا يهدي القوم الظالمين قال : إلى الإيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية