صفحة جزء
قوله تعالى : ولا تتمنوا الآية .

أخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والبيهقي في "سننه"، من طريق مجاهد عن أم سلمة، أنها قالت : يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، ولا نقاتل فنستشهد، وإنما لنا نصف الميراث، فأنزل الله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض وأنزل فيها : إن المسلمين والمسلمات [الأحزاب : 35] .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله، للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين برجل، أفنحن في العمل هكذا؟ إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة؟ فأنزل الله هذه الآية : ولا تتمنوا فإنه عدل مني وإن صنعته .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن عكرمة قال : إن النساء سألن الجهاد، فقلن : وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب [ ص: 374 ] الرجال، فأنزل الله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض .

وأخرج ابن جرير ، من طريق ابن جريج ، عن مجاهد ، وعكرمة في الآية قالا : نزلت في أم سلمة ابنة أبي أمية .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي أن الرجال قالوا : نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء، كما لنا في السهام سهمان، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران، وقالت النساء : نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال الشهداء؛ فإنا لا نستطيع أن نقاتل ولو كتب علينا القتال لقاتلنا، فأنزل الله الآية، وقال لهم : سلوا الله من فضله يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق علي، عن ابن عباس في قوله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض يقول : لا يتمن الرجل فيقول : ليت أن لي مال فلان وأهله . فنهى الله سبحانه عن ذلك، ولكن ليسأل الله من فضله : للرجال نصيب مما اكتسبوا يعني : مما ترك الوالدان والأقربون، للذكر مثل حظ الأنثيين .

وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لا تمن مال فلان ولا مال فلان، وما [ ص: 375 ] يدريك لعل هلاكه في ذلك المال .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا، ولا الصبي شيئا، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع، فلما لحق للمرأة نصيبها، وللصبي نصيبه، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء : لو كان جعل أنصباؤنا في الميراث كأنصباء الرجال! وقال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة، كما فضلنا عليهن في الميراث، فأنزل الله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن يقول : المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل .

وأخرج ابن جرير عن أبي حريز قال : لما نزل : للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء : 11] . قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب، كما لهم نصيبان من الميراث، فأنزل الله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن يعني الذنوب .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : للرجال نصيب مما اكتسبوا [ ص: 376 ] قال : من الإثم .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن محمد بن سيرين، أنه كان إذا سمع الرجل يتمنى في الدنيا قال : قد نهاكم الله عن هذا، ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ودلكم على خير منه : واسألوا الله من فضله .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد : واسألوا الله من فضله قال : ليس بعرض الدنيا .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير : واسألوا الله من فضله قال : العبادة، ليس من أمر الدنيا .

وأخرج الترمذي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سلوا الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يسأل» .

وأخرج ابن جرير من طريق حكيم بن جبير عن رجل لم يسمه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سلوا الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يسأل، وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج» .

[ ص: 377 ] وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما سأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثا، إلا قالت الجنة : اللهم أدخله، ولا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثا إلا قالت النار : اللهم أجره» .

التالي السابق


الخدمات العلمية