صفحة جزء
[ ص: 384 ] قوله تعالى : والله يعصمك من الناس .

أخرج ابن مردويه ، والضياء في (المختارة)، عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي آية أنزلت من السماء أشد عليك؟ فقال : (كنت بمنى أيام موسم، واجتمع مشركو العرب وأفناء الناس في الموسم، فأنزل علي جبريل فقال : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس قال : (فقمت عند العقبة فناديت : يا أيها الناس، من ينصرني على أن أبلغ رسالات ربي، ولكم الجنة؟ أيها الناس، قولوا : لا إله إلا الله وأنا رسول الله إليكم تفلحوا، وتنجحوا ولكم الجنة)، قال : (فما بقي رجل ولا امرأة، ولا صبي إلا يرمون علي بالتراب والحجارة، ويبزقون في وجهي ويقولون : كذاب صابئ، فعرض علي عارض، فقال : يا محمد، إن كنت رسول الله فقد آن لك أن تدعو عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون، وانصرني عليهم أن يجيبوني إلى طاعتك)، فجاء العباس عمه فأنقذه منهم، وطردهم عنه، قال الأعمش : فبذلك تفتخر بنو العباس ويقولون : فيهم نزلت : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء [القصص : 56]، هوى النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب، وشاء الله عباس بن عبد المطلب .

[ ص: 385 ] وأخرج عبد بن حميد ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم، والبيهقي كلاهما في (الدلائل)، عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت : والله يعصمك من الناس فأخرج رأسه من القبة فقال : (أيها الناس، انصرفوا، فقد عصمني الله) .

وأخرج الطبراني، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري، قال : كان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم في من يحرسه، فلما نزلت : والله يعصمك من الناس ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرس .

وأخرج ابن مردويه ، عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج بعث معه أبو طالب من يكلؤه حتى نزلت : والله يعصمك من الناس فذهب ليبعث معه، فقال : (يا عم، إن الله قد عصمني، لا حاجة لي إلى من تبعث) .

وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في (الدلائل)، وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس، وكان يرسل معه عمه أبو طالب كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت : والله يعصمك من الناس وأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه، فقال : (يا عم، [ ص: 386 ] إن الله قد عصمني من الجن والإنس) .

وأخرج أبو نعيم في (الدلائل)، عن أبي ذر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا ونحن حوله، من مخافة الغوائل، حتى نزلت آية العصمة : والله يعصمك من الناس .

وأخرج الطبراني، وابن مردويه ، عن عصمة بن مالك الخطمي، قال : كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، حتى نزلت : والله يعصمك من الناس فترك الحرس .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن جابر بن عبد الله قال : لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أنمار نزل ذات الرقيع بأعلى نخل، فبينا هو جالس على رأس بئر قد دلى رجليه فقال الوارث من بني النجار : لأقتلن محمدا، فقال له أصحابه : كيف تقتله؟ قال : أقول له : أعطني سيفك، فإذا أعطانيه قتلته به، فأتاه، فقال : يا محمد، أعطني سيفك أشيمه، فأعطاه إياه، فرعدت يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (حال الله بينك وبين ما تريد)، فأنزل الله : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية . [ ص: 387 ] وأخرج ابن حبان، وابن مردويه ، عن أبي هريرة قال : كنا إذا صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها، فينزل تحتها، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلق سيفه فيها، فجاء رجل فأخذه، فقال : يا محمد، من يمنعك مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الله يمنعني منك، ضع عنك السيف)، فوضعه، فنزلت : والله يعصمك من الناس .

وأخرج أحمد، عن جعدة بن خالد بن الصمة الجشمي قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل فقيل : هذا أراد أن يقتلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (لم ترع، لم ترع، ولو أردت ذلك لم يسلطك الله علي) .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في الآية قال : أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيكفيه الناس، ويعصمه منهم، وأمره بالبلاغ،وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قيل له : لو احتجبت، فقال : (والله لأبدين عقبي للناس ما صاحبتهم) .

وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت : يا أيها الرسول إلى قوله : والله يعصمك من الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تحرسوني، إن ربي قد عصمني) . [ ص: 388 ] وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن عبد الله بن شقيق قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعقبه ناس من أصحابه، فلما نزلت : والله يعصمك من الناس خرج فقال : (يا أيها الناس، الحقوا بملاحقكم، فإن الله قد عصمني من الناس) .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن محمد بن كعب القرظي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يحرس يتحارسه أصحابه، حتى أنزل الله : والله يعصمك من الناس فترك الحرس حين أخبره أنه سيعصمه من الناس .

وأخرج ابن جرير ، عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلا اختار له أصحابه شجرة ظليلة فيقيل تحتها، فأتاه أعرابي فاخترط سيفه، ثم قال : من يمنعك مني؟ قال : (الله)، فرعدت يد الأعرابي، وسقط السيف منه، قال : وضرب برأسه الشجرة حتى انتثرت دماغه، فأنزل الله : والله يعصمك من الناس .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن جريج ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يهاب قريشا، فلما نزلت : والله يعصمك من الناس استلقى ثم قال : (من شاء [ ص: 389 ] فليخذلني)، مرتين أو ثلاثا .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن مردويه ، عن الربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرسه أصحابه حتى نزلت هذه الآية : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك الآية، فخرج إليهم فقال : (لا تحرسوني، فإن الله قد عصمني من الناس) .

التالي السابق


الخدمات العلمية