صفحة جزء
قوله تعالى : والبلد الطيب الآية .

أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : والبلد الطيب الآية . قال : هذا مثل ضربه الله للمؤمن ، يقول : هو طيب وعمله طيب كما أن البلد الطيب ثمرها طيب ، والذي خبث ضرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة ، التي لا يخرج منها البركة ، والكافر هو الخبيث وعمله خبيث .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : والبلد الطيب ، والذي خبث ، قال : [ ص: 433 ] كل ذلك في الأرض السباخ وغيرها مثل آدم وذريته ؛ فيهم طيب وخبيث .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : والبلد الطيب ، قال : هذا مثل المؤمن ، سمع كتاب الله فوعاه وأخذ به ، وعمل به ، وانتفع ، كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت ، وأمرعت : والذي خبث قال : هذا مثل الكافر لم يعقل القرآن ولم يعه ، ولم يأخذ به ولم ينتفع فهو كمثل الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئا ولم تمرع .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي في الآية قال : هذا مثل ضربه للقلوب يقول : ينزل الماء فيخرج البلد الطيب نباته بإذن الله والذي خبث هي السبخة ، لا تخرج نباتها إلا نكدا ، فكذلك القلوب ، لما نزل القرآن بقلب المؤمن آمن به ، وثبت الإيمان في قلبه ، وقلب [ ص: 434 ] الكافر لما دخله القرآن لم يتعلق منه بشيء ينفعه ، ولم يثبت فيه من الإيمان شيء إلا ما لا ينفع ، كما لم يخرج هذا البلد إلا ما لم ينفع من النبات ، والنكد : الشيء القليل الذي لا ينفع .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عاصم ، أنه قرأ : والبلد الطيب يخرج نباته بنصب الياء ورفع الراء .

وأخرج ابن جرير ، عن مجاهد : والبلد الطيب الآية ، قال : الطيب ينفعه المطر فينبت ، والذي خبث السباخ لا ينفعه المطر ، لا يخرج نباته إلا نكدا هذا مثل ضربه الله لآدم وذريته كلهم ، إنما خلقوا من نفس واحدة ؛ فمنهم من آمن بالله وكتابه فطاب ، ومنهم من كفر بالله وكتابه فخبث .

وأخرج ابن جرير ، عن قتادة : والبلد الطيب الآية ، قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن .

[ ص: 435 ] وأخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا ، فكانت منها نقية قبلت الماء ، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس ، فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى ؛ إنما هي قيعان لا تمسك ماء ، ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به ، فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به »

التالي السابق


الخدمات العلمية