صفحة جزء
قوله تعالى : ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه .

أخرج البزار ، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه ، فقال له موسى : يا رب أهذا كلامك الذي كلمتني به ؟ قال : يا موسى ، إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ، ولي قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك . فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا : يا موسى صف لنا كلام الرحمن . فقال : لا تستطيعونه ، ألم تروا إلى أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموه ، فذاك قريب منه وليس به .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، عن عطاء بن السائب قال : كان لموسى عليه السلام قبة طولها ستمائة ذراع ، يناجي فيها ربه عز وجل .

وأخرج الحكيم الترمذي قي نوادر الأصول ، عن كعب قال : لما كلم الله موسى قال : يا رب ، أهكذا كلامك ؟ قال : يا موسى ، إنما أكلمك بقوة عشرة [ ص: 542 ] آلاف لسان ، ولي قوة الألسنة كلها ، ولو كلمتك بكنه كلامي لم تك شيئا .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن كعب قال : لما كلم الله موسى كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه - يعني كلام موسى - فجعل يقول : يا رب لا أفهم . حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته ، فقال : يا رب هكذا كلامك ؟ قال : لا لو سمعت كلامي - أي على وجهه - لم تك شيئا . قال : يا رب هل في خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا ، وأقرب خلقي شبها بكلامي أشد ما سمع الناس من الصواعق .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : قيل لموسى عليه السلام : ما شبهت كلام ربك مما خلق ؟ فقال موسى : الرعد الساكن .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال : إنما كلم الله موسى بقدر ما يطيق من كلامه ، ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شيء ، فمكث موسى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين . [ ص: 543 ] وأخرج الديلمي ، عن أبي هريرة رفعه : " لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة ، فأول ما كلمه بالبربرية أن قال : يا موسى ونفسي معبرا : أي أنا الله الأكبر . قال موسى : يا رب ، أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك ، فما الحكمة في ذلك ؟ فأوحى الله إليه : أعطيتها أعدائي ليتمرغوا ، ومنعتها أوليائي ليتضرعوا .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عجلان قال : كلم الله موسى بالألسنة كلها ، وكان فيما كلمه لسان البربر ، فقال كلمته بالبربرية : أنا الله الكبير .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، والحاكم ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يوم كلم الله موسى كان عليه جبة صوف ، وكساء صوف ، وسراويل صوف ، وكمة صوف ، ونعلان من جلد حمار غير ذكي .

وأخرج أبو الشيخ ، عن عبد الرحمن بن معاوية قال : لما كلم موسى ربه عز وجل [ ص: 544 ] مكث أربعين يوما لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين .

وأخرج أبو الشيخ ، عن عروة بن رويم قال : كان موسى عليه السلام لم يأت النساء منذ كلمه ربه ، وكان قد ألبس على وجهه برقع ، فكان لا ينظر إليه أحد إلا مات ، فكشف لها عن وجهه فأخذتها من غشيته مثل شعاع الشمس ، فوضعت يدها على وجهها وخرت لله ساجدة .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وأبو نعيم في الحلية ، عن وهب بن منبه قال : كلم الله موسى في ألف مقام ، فكان كلما كلمه رأى النور على وجهه ثلاثة أيام . قال : وما قرب موسى امرأة منذ كلمه ربه .

وأخرج ابن المنذر ، عن عروة بن رويم اللخمي قال : قالت امرأة موسى لموسى : إني أيم منك مذ أربعين سنة فأمتعني بنظرة . فرفع البرقع عن وجهه ، فغشي وجهه نور التمع بصرها ، فقالت : ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة . قال : على ألا تزوجي بعدي ، وألا تأكلي إلا من عمل يديك . قال : فكانت تتبع الحصادين ، فإذا رأوا ذلك تحاطوا لها ، فإذا أحست بذلك تجاوزته .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد في الزهد ، وأبو خيثمة في كتاب العلم ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : قال موسى عليه السلام حين كلمه [ ص: 545 ] ربه : أي رب ، أي عبادك أحب إليك ؟ قال : أكثرهم لي ذكرا . قال : أي عبادك أحكم ؟ قال : الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس . قال : رب ، أي عبادك أغنى ؟ قال : الراضي بما أعطيته .

وأخرج أحمد في الزهد ، والبيهقي ، عن الحسن ، أن موسى عليه السلام سأل ربه جماعا من الخير ، فقال : اصحب الناس بما تحب أن تصحب به .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والطبراني ، والبيهقي ، من طريق جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالى ناجى موسى عليه السلام بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام ، فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم ؛ لما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل ، فكان فيما ناجاه أن قال : يا موسى ، إنه لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ، ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ، ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي . فقال موسى : يا رب ويا إله البرية كلها ، ويا مالك يوم الدين ، ويا ذا الجلال والإكرام ، ماذا أعددت لهم ، وماذا جزيتهم ؟ قال : أما الزاهدون في الدنيا ، فإني أبيحهم جنتي حتى يتبوءوا فيها حيث شاءوا، [ ص: 546 ] وأما الورعون عما حرمت عليهم ، فإذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته الحساب وفتشت عما في يديه إلا الورعون ؛ فإني أستحييهم وأجلهم وأكرمهم ، وأدخلهم الجنة بغير حساب ، وأما الباكون من خشيتي ، فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركهم فيه أحد .

وأخرج أبو يعلى ، وابن حبان ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال موسى : يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به . قال : قل يا موسى : لا إله إلا الله . قال : يا رب كل عبادك يقول هذا . قال : قل : لا إله إلا الله . قال : لا إله إلا أنت يا رب ، إنما أريد شيئا تخصني به . قال : يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري ، والأرضين السبع في كفة ، ولا إله إلا الله في كفة ، مالت بهن لا إله إلا الله .

وأخرج أحمد في الزهد ، وابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء ، عن عطاء بن يسار قال : قال موسى عليه السلام : يا رب ، من أهلك الذين هم أهلك ، الذين تظلهم في ظل عرشك ؟ قال : هم البريئة أيديهم ، الطاهرة قلوبهم ، الذين يتحابون بجلالي ، الذين إذا ذكرت ذكروا بي ، وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم ، الذين يسبغون الوضوء في المكاره ، وينيبون إلى ذكري كما [ ص: 547 ] تنيب النسور إلى وكورها ، ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس ، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حرب .

وأخرج أحمد ، عن عمران القصير قال : قال موسى بن عمران : أي رب أين أبغيك ؟ قال : ابغني عند المنكسرة قلوبهم ، إني أدنو منهم كل يوم باعا ، ولولا ذلك انهدموا .

وأخرج ابن المبارك وأحمد ، عن عمار بن ياسر ، أن موسى عليه السلام قال : يا رب حدثني بأحب الناس إليك . قال : ولم ؟ قال : لأحبه لحبك إياه . فقال : عبد في أقصى الأرض سمع به عبد آخر في أقصى الأرض لا يعرفه ، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته ، [172و] وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته ، ما ذاك إلا لي ، فذلك أحب خلقي إلي . قال : يا رب ، خلقت خلقا تدخلهم النار أو تعذبهم ! فأوحى الله إليه : كلهم خلقي . ثم قال : ازرع زرعا . فزرعه ، فقال : اسقه . فسقاه ، ثم قال : قم عليه . فقام عليه فحصده ورفعه ، فقال : ما فعل زرعك يا موسى ؟ قال : فرغت منه ورفعته ، قال : ما تركت منه شيئا ؟ قال : ما لا خير فيه . قال : كذلك أنا ، لا أعذب إلا من لا خير فيه .

وأخرج أبو نعيم في الحلية ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن موسى عليه السلام قال : يا رب ، أخبرني بأكرم خلقك عليك . قال : الذي يسرع إلى [ ص: 548 ] هواي إسراع النسر إلى هواه ، والذي يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس ، والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب النمر لنفسه ، فإن النمر إذا غضب لم يبال أقل الناس أم كثروا .

وأخرجه ابن أبي شيبة عن عروة موقوفا .

وأخرج أبو نعيم في الحلية ، عن مجاهد قال : سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال : أي عبادك أغنى ؟ قال : الذي يقنع بما يؤتى . قال : فأي عبادك أحكم ؟ قال : الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه . قال : فأي عبادك أعلم ؟ قال : أخشاهم .

وأخرج أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة ، وأبو نعيم ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى عليه السلام كان يمشي ذات يوم في الطريق ، فناداه الجبار عز وجل : يا موسى . فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا ، ثم ناداه الثانية : يا موسى بن عمران . فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا ، وارتعدت فرائصه ، ثم نودي الثالثة : يا موسى بن عمران ، إنني أنا الله لا إله إلا أنا ، فقال : لبيك لبيك . فخر لله تعالى ساجدا ، فقال : ارفع رأسك يا موسى بن عمران . فرفع رأسه ، فقال : يا موسى إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي ، كن كالأب الرحيم ، وكن للأرملة كالزوج العطوف ، يا موسى بن [ ص: 549 ] عمران ، ارحم ترحم ، يا موسى كما تدين تدان ، يا موسى نبئ بني إسرائيل ، إنه من لقيني وهو جاحد بمحمد صلى الله عليه وسلم أدخلته النار . فقال : ومن أحمد ؟ قال : يا موسى ، وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أكرم علي منه ، كتبت اسمه مع اسمي في العرش قبل أن أخلق السماوات والأرض والشمس والقمر بألفي سنة ، وعزتي وجلالي إن الجنة محرمة على جميع خلقي حتى يدخلها محمد وأمته . قال موسى : ومن أمة أحمد ؟ قال : أمته الحمادون ، يحمدون صعودا وهبوطا وعلى كل حال ، يشدون أوساطهم ويطهرون أطرافهم ، صائمون بالنهار ، رهبان بالليل ، أقبل منهم اليسير وأدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله . قال : اجعلني نبي تلك الأمة . قال : نبيها منها . قال : اجعلني من أمة ذلك النبي ، قال : استقدمت واستأخرت يا موسى ، ولكن سأجمع بينك وبينه في دار الجلال .

وأخرج أبو نعيم ، عن وهب قال : قال موسى عليه السلام : إلهي ، ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه ؟ قال : يا موسى أظله يوم القيامة بظل عرشي ، وأجعله في كنفي . قال : يا رب أي عبادك أشقى ؟ قال : من لا تنفعه موعظة ، ولا يذكرني إذا خلا .

وأخرج أبو نعيم ، عن كعب قال : قال موسى : يا رب ما جزاء من آوى يتيما حتى يستغني ، أو كفل أرملة ؟ قال : أسكنه جنتي ، وأظله يوم لا ظل إلا [ ص: 550 ] ظلي .

وأخرج ابن شاهين في الترغيب ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب ، ما لمن عزى الثكلى ؟ قال : أظله بظلي يوم لا ظل إلا ظلي .

وأخرج آدم بن أبي إياس في كتاب العلم ، عن عبد الله بن مسعود قال : لما قرب موسى نجيا أبصر في ظل العرش رجلا فغبطه بمكانه ، فسأل عنه فلم يخبر باسمه ، وأخبر بعمله ، فقال له : هذا رجل كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ، بر بالوالدين ، لا يمشي بالنميمة . قال : فقال الله : يا موسى ما جئت تطلب ؟ قال : جئت أطلب الهدى يا رب . قال : قد وجدت يا موسى . قال : رب اغفر لي ما مضى من ذنوبي ، وما غبر ، وما بين ذلك ، وما أنت أعلم به مني ، وأعوذ بك من وسوسة نفسي وسوء عملي . فقيل له : قد كفيت يا موسى . قال : رب أي العمل أحب إليك أن أعمله ؟ قال : اذكرني يا موسى . قال : رب أي عبادك أتقى ؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني . قال : رب أي عبادك أغنى ؟ قال : الذي يقنع بما يؤتى . قال : رب أي عبادك أفضل ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى . قال : رب أي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يطلب علم الناس إلى علمه ، لعله يسمع كلمة تدله على هدى [ ص: 551 ] أو ترده عن ردى . قال : رب أي عبادك أحب إليك عملا ؟ قال : الذي لا يكذب لسانه ، ولا يزني فرجه ، ولا يفجر قلبه . قال : رب ، ثم أي على أثر هذا ؟ قال : قلب مؤمن في خلق حسن . قال : رب أي عبادك أبغض إليك ؟ قال : قلب كافر في خلق سيئ . قال : رب ثم أي على أثر هذا ؟ قال : جيفة بالليل بطال بالنهار .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن أبي الجلد ، أن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك ، وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا ، وإذا ذكرتني فاجعل لسانك وراء قلبك ، وإذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الحقير الذليل ، وذم نفسك فهي أولى بالذم ، وناجني حين تناجيني بقلب وجل ولسان صادق .

وأخرج أحمد ، عن قسي ، رجل من أهل الكتاب ، قال : إن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : يا موسى ، إن جاءك الموت وأنت على غير وضوء فلا تلومن إلا نفسك . قال : وأوحى إليه : إن الله تبارك وتعالى يدفع بالصدقة سبعين بابا من السوء ؛ مثل الغرق والحرق والسرق وذات الجنب . قال : وقال له : والنار ؟ قال : والنار .

وأخرج أحمد ، عن كعب الأحبار قال : أوحى الله إلى موسى : أن علم الخير [ ص: 552 ] وتعلمه ، فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا لمكانهم .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، عن أبي هريرة قال : لما ارتقى موسى طور سيناء رأى الجبار في إصبعه خاتما ، فقال : يا موسى ما هذا ؟ وهو أعلم به . قال : شيء من حلي الرجال يا رب . قال : فهل عليه شيء من أسمائي مكتوب أو كلامي ؟ قال : لا . قال : فاكتب عليه : لكل أجل كتاب .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، عن عطاء قال : قال موسى عليه السلام : يا رب ، أيتمت الصبي من أبويه ، وتدعه هكذا ؟ قال : يا موسى ، أما ترضى بي كافلا .

وأخرج ابن المبارك ، عن عطاء قال : قال موسى : يا رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال : أعلمهم بي .

وأخرج أحمد في الزهد ، وأبو نعيم في الحلية ، عن وهب قال : قال موسى : يا رب إنهم سيسألوني كيف كان بدؤك ؟ قال : فأخبرهم أني أنا الكائن قبل كل شيء ، والمكون لكل شيء ، والكائن بعد كل شيء .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن أبي الجلد ، أن موسى عليه السلام سأل ربه [ ص: 553 ] قال : أي رب ، أنزل علي آية محكمة أسير بها في عبادك ، فأوحى الله إليه : يا موسى ، أن اذهب فما أحببت أن يأتيه عبادي إليك فأته إليهم .

وأخرج أحمد ، عن قتادة ، أن موسى عليه السلام قال : أي رب ، أي شيء وضعت في الأرض أقل ؟ قال : العدل أقل ما وضعت في الأرض .

وأخرج أحمد ، عن عمرو بن قيس قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أي الناس أتقى ؟ قال : الذي يذكر ولا ينسى ، قال : فأي الناس أعلم ؟ قال : الذي يأخذ من علم الناس إلى علمه .

وأخرج أحمد ، وأبو نعيم ، عن وهب بن منبه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال : من أذكر برؤيته ، قال : أي رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذين يعودون المرضى ، ويعزون الثكلى ، ويشيعون الهلكى .

وأخرج ابن المنذر ، عن قتادة قال : لما قيل للجبال : أنه يريد أن يتجلى . تطاولت الجبال كلها ، وتواضع الجبل الذي تجلى له .

وأخرج البيهقي في الشعب من طريق أحمد بن أبي الحواري ، عن [ ص: 554 ] أبي سليمان قال : إن الله اطلع في قلوب الآدميين فلم يجد قلبا أشد تواضعا من قلب موسى عليه السلام ، فخصه بالكلام لتواضعه ، قال : وقال غير أبي سليمان : أوحى الله إلى الجبال : إني مكلم عليك عبدا من عبيدي ، فتطاولت الجبال ليكلمه عليها ، وتواضع الطور ، قال : إن قدر شيء كان . قال : فكلمه عليه لتواضعه .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن العلاء بن كثير قال : إن الله تعالى قال : يا موسى ، أتدري لم كلمتك ؟ قال : لا يا رب ، قال : لأني لم أخلق خلقا تواضع لي تواضعك .

وأخرج أحمد في الزهد ، وأبو نعيم في الحلية ، عن نوف البكالي قال : أوحى الله إلى الجبال : إني نازل على جبل منكم . قال : فشمخت الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع ، قال : أرضى بما قسم لي . فكان الأمر عليه ، وفي لفظ : قال : إن قدر لي شيء فسيأتيني . فأوحى الله : إني سأنزل عليك بتواضعك لي ورضاك بقدرتي .

وأخرج الخطيب في تاريخه ، عن أبي خالد الأحمر قال : لما كلم الله تعالى موسى عرض إبليس على الجبل ، فإذا جبريل قد وافاه فقال : اخز يا لعين ، أيش تعمل ههنا ؟ قال : جئت أتوقع من موسى ما توقعت من أبيه ، فقال له جبريل : اخز يا لعين ، ثم قعد جبريل يبكي حيال موسى ، فأنطق الله الجبة [ ص: 555 ] فقالت : يا جبريل ، أيش هذا البكاء ؟ قال : إني في القرب من الله ، وإني لأشتهي أن أسمع كلام الله كما يسمعه موسى ، قالت الجبة : يا جبريل أنا جبة موسى ، وأنا على جلد موسى ، أنا أقرب إلى موسى أو أنت يا جبريل ؟ أنا لا أسمعه ، تسمعه أنت !

التالي السابق


الخدمات العلمية