صفحة جزء
قوله تعالى : وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء [ ص: 565 ] أخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : كتبت التوراة بأقلام من ذهب .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير وأبو الشيخ ، عن علي بن أبي طالب قال : كتب الله الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح .

وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة ، كان طول اللوح اثني عشر ذراعا .

وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن جريج قال : أخبرت أن الألواح من زبرجد ، ومن زمرد الجنة ، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن ، وكتبها بيده بالقلم الذي كتب به الذكر ، واستمد الرب من نهر النور ، وكتب به الألواح .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال : كانوا يقولون : كانت الألواح من ياقوتة ، وأنا أقول : إنما كانت من زمرد ، وكتابها الذهب ، كتبها الله بيده ، فسمع أهل السماوات صريف القلم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبي العالية قال : كانت ألواح موسى [ ص: 566 ] من برد .

وأخرج ابن المنذر ، عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر ، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن ، فكتبها الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر ، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح .

وأخرج أبو الشيخ ، عن عطاء قال : كتب الله التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم في ألواح من زمرد ، ليس بينه وبينه إلا الحجاب .

وأخرج عبد بن حميد ، عن عكرمة قال : إن الله لم يمس شيئا إلا ثلاثة ؛ خلق آدم بيده ، وغرس الجنة بيده ، وكتب التوراة بيده .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وهناد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئا إلا ثلاثة أشياء ، غرس الجنة بيده ، وجعل ترابها الورس والزعفران ، وجبالها المسك ، وخلق آدم بيده ، وكتب التوراة لموسى بيده .

وأخرج عبد بن حميد ، عن وردان أبي خالد قال : خلق الله آدم بيده ، [ ص: 567 ] وخلق جبريل بيده ، وخلق القلم بيده ، وخلق عرشه بيده ، وكتب الكتاب الذي عنده بيده ، لا يطلع عليه غيره ، وكتب التوراة بيده .

وأخرج عبد بن حميد ، عن مغيث الشامي قال : بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء ؛ الجنة غرسها بيده ، وآدم خلقه بيده ، والتوراة كتبها بيده .

وأخرج الطبراني في السنة ، عن ابن عمر قال : خلق الله آدم بيده ، وخلق جنة عدن بيده ، وكتب التوراة بيده ، ثم قال لسائر الأشياء : كن فكان .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : أعطي موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد ، فيها تبيان لكل شيء وموعظة ، فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على عبادة العجل ، رمى بالتوراة من يده فتحطمت ، فرفع الله منها ستة أسباع ، وبقي سبع .

وأخرج أبو الشيخ ، عن السدي : وكتبنا له في الألواح من كل شيء أمروا به ونهوا عنه .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء قال : مما أمروا به ونهوا عنه .

وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه ، وضعفه الذهبي ، عن ابن عباس قال : إن الله يقول في كتابه لموسى : إني اصطفيتك على الناس . [ ص: 568 ] وكتبنا له في الألواح من كل شيء قال : فكان يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له ، كما ترون أنتم علماءكم قد أثبتوا لكم ، فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالم فاستنطقه فأقر له بفضل علمه ولم يحسده . الحديث .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس ، أن موسى لما كربه الموت قال : هذا من أجل آدم ، قد كان الله جعلنا في دار مثوى لا نموت ، فخطأ آدم أنزلنا هنا ، فقال الله لموسى : أبعث إليك آدم فتخاصمه ؟ قال : نعم ، فلما بعث الله آدم سأله موسى فقال : لولا أنت لم نكن ههنا ، فقال له [173و] آدم : قد آتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلا ، أفلست تعلم أنه : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها [الحديد : 22] قال موسى : بلى . فخصمه آدم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : كان الله عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وذكر أمته ، وما ذخر لهم عنده ، وما يسر عليهم في دينهم ، وما وسع عليهم فيما أحل لهم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ميمون بن مهران قال : فيما كتب الله لموسى في الألواح : يا موسى ، لا تحلف بي كاذبا ، فإني لا أزكي عمل من حلف [ ص: 569 ] بي كاذبا .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن وهب بن منبه في قوله : وكتبنا له في الألواح من كل شيء قال : كتب له : اعبدني ولا تشرك بي شيئا من أهل السماء ولا من أهل الأرض ، فإن كل ذلك خلقي ، فإذا أشرك بي غضبت ، وإذا غضبت لعنت ، وإن لعنتي تدرك الرابع من الولد ، وإني إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، والبركة مني تدرك الأمة بعد الأمة ، ولا تحلف باسمي كاذبا ، فإني لا أزكي من حلف باسمي كاذبا ، ووقر والديك ، فإنه من وقر والديه مددت له في عمره ، ووهبت له ولدا يبره ، ومن عق والديه قصرت له من عمره ، ووهبت له ولدا يعقه ، واحفظ السبت فإنه آخر يوم فرغت فيه من خلقي ، ولا تزن ، ولا تسرق ، ولا تول وجهك عن عدوي ، ولا تزن بامرأة جارك الذي يأمنك ، ولا تغلب جارك على ماله ، ولا تخلفه على امرأته .

وأخرج أبو الشيخ ، والبيهقي في "شعب الإيمان" ، عن أبي حزرة القاص ، أن العشر الآيات التي كتب الله تعالى لموسى في الألواح ؛ أن اعبدني ولا تشرك بي شيئا ، ولا تحلف باسمي كاذبا ؛ فإني لا أزكي ولا أطهر من حلف [ ص: 570 ] باسمي كاذبا ، واشكر لي ولوالديك أنسأ لك في أجلك وأقيك المتالف ، ولا تسرق ولا تزن فأحجب عنك نور وجهي ، وتغلق عن دعائك أبواب سماواتي ، ولا تغدر بحليل جارك ، وأحب للناس ما تحب لنفسك ، ولا تشهد بما لم يعه سمعك ويفقه قلبك ، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ، ثم سائلهم عنها ، ولا تذبح لغيري ، فإنه لا يصعد إلي من قربان أهل الأرض إلا ما ذكر عليه اسمي .

وأخرج البيهقي ، عن عطاء قال : بلغني أن فيما أنزل الله على موسى عليه السلام : لا تجالسوا أهل الأهواء فيحدثوا في قلبك ما لم يكن .

وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في الحلية ، وابن لال في مكارم الأخلاق ، عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كان فيما أعطى الله موسى في الألواح الأول في أول ما كتب عشرة أبواب : [ ص: 571 ] يا موسى لا تشرك بي شيئا ، فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار ، واشكر لي ولوالديك أقك المتالف ، وأنسأ في عمرك ، وأحيك حياة طيبة ، وأقلبك إلى خير منها ، ولا تقتل النفس التي حرمت إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء بأقطارها ، وتبوء بسخطي والنار ، ولا تحلف باسمي كاذبا ولا آثما ؛ فإني لا أطهر ولا أزكي من لم ينزهني ويعظم أسمائي ، ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من فضلي ، ولا تنفس عليهم نعمتي ورزقي ، فإن الحاسد عدو نعمتي ، راد لقضائي ، ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي ، ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني ، ولا تشهد بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك ويعقد عليه قلبك ، فإني واقف أهل الشهادات على شهاداتهم يوم القيامة ، ثم سائلهم عنها سؤالا حثيثا ، ولا تزن ، ولا تسرق ، ولا تزن بحليلة جارك فأحجب عنك وجهي ، وتغلق عنك أبواب السماء ، وأحبب للناس ما تحب لنفسك ، ولا تذبحن لغيري ، فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان خالصا لوجهي ، وتفرغ لي يوم السبت ، وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل السبت لموسى عيدا ، واختار لنا الجمعة فجعلها لنا عيدا .

وأخرج أبو الشيخ ، عن ميمون بن مهران قال : مما كتب الله لموسى في الألواح : لا تتمن مال أخيك ولا امرأة أخيك . [ ص: 572 ] وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة : شوقناكم فلم تشتاقوا ، ونحنا لكم فلم تبكوا ، ألا وإن لله ملكا ينادي في السماء كل ليلة : بشر القتالين بأن لهم عند الله سيفا لا ينام ، وهو نار جهنم ، أبناء الأربعين ، زرع قد دنا حصاده ، أبناء الخمسين ، هلموا إلى الحساب لا عذر لكم ، أبناء الستين ، ماذا قدمتم وماذا أخرتم ؟ أبناء السبعين ، ما تنتظرون ؟ ألا ليت الخلق لم يخلقوا ، فإذا خلقوا علموا لما خلقوا ، ألا أتتكم الساعة فخذوا حذركم .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة قال : قال موسى : يا رب ، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة ، الآخرون في الخلق والسابقون في دخول الجنة ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون فضول الضلالة ، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في قلوبهم يقرءونها - قال قتادة : وكان من قبلكم إنما يقرءون كتابهم نظرا ، فإذا [ ص: 573 ] رفعوها لم يحفظوا منه شيئا ولم يعوه ، وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قبلكم ، خاصة خصكم بها وكرامة أكرمكم بها - قال : فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها - قال قتادة : وكان من قبلكم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها ، وإن ردت تركت فأكلتها السباع والطير ، وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم ؛ رحمة رحمكم بها ، وتخفيفا خفف به عنكم - فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال قتادة : فذكر لنا أن نبي الله موسى نبذ الألواح وقال : اللهم إذن فاجعلني من أمة أحمد ، قال : فأعطي اثنتين لم يعطهما أحد ؛ قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي . قال : فرضي نبي الله ، ثم أعطي الثانية ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون [الأعراف : 159] قال : فرضي نبي الله موسى كل الرضا . [ ص: 574 ] وأخرج أبو الشيخ ، عن قتادة : قال موسى : يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالحسنة كتبت له حسنة ، وإذا عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه ، وإذا عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لهم فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم يوم القيامة فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب أجد في الألواح أمة ينصرون على من ناوأهم حتى يقاتلوا الأعور [ ص: 575 ] الدجال ، فاجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : فانتبذ الألواح من يده وقال : رب فاجعلني من أمة أحمد ، فأنزل الله : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون فرضي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس قال : فيما ناجى موسى ربه فيما وهب الله لمحمد وأمته حيث قرأ التوراة وأصاب فيها نعت النبي وأمته ، قال : يا رب من هذا النبي الذي جعلته وأمته أولا وآخرا ؟ قال : هذا محمد النبي الأمي العربي الحرمي التهامي ، من ولد قاذر بن إسماعيل جعلته أولا في المحشر ، وجعلته آخرا ، ختمت به الرسل يا موسى ، ختمت بشريعته الشرائع ، وبكتابه الكتب ، وبسننه السنن ، وبدينه الأديان ، قال : يا رب إنك اصطفيتني وكلمتني . قال : يا موسى إنك صفيي وهو حبيبي ، أبعثه يوم القيامة على كوم ، أجعل حوضه أعرض الحياض ، وأكثرهم واردا وأكثرهم تبعا ، قال : رب لقد كرمته وشرفته ، قال : يا موسى ، حق لي أن أكرمه وأفضله وأفضل أمته ، لأنهم يؤمنون بي وبرسلي كلهم ، وبكتبي كلها ، وبغيبي كله ، ما كان فيهم شاهدا - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ومن بعد موته إلى يوم القيامة ، قال : يا رب هذا نعتهم ؟ قال : نعم ، قال : يا رب وهبت لهم الجمعة أو لأمتي ؟ قال : بل لهم الجمعة دون [ ص: 576 ] أمتك ، قال : رب إني نظرت في التوراة إلى نعت قوم غر محجلين ، فمن هم ؟ أمن بني إسرائيل هم أم من غيرهم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، الغر المحجلون من آثار الوضوء ، قال : يا رب ، إني وجدت في التوراة قوما يمرون على الصراط كالبرق والريح ، فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب ، إني وجدت في التوراة قوما يصلون الصلوات الخمس ، فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يتزرون إلى أنصافهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما يراعون الشمس ، مناديهم في جو السماء ، فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني وجدت في التوراة قوما يذكرونك على كل شرف وواد ، فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : رب إني وجدت في التوراة قوما الحسنة منهم بعشرة ، والسيئة بواحدة ، فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم شاهرين سيوفهم لا ترد لهم حاجة . قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما إذا [ ص: 577 ] أرادوا أمرا استخاروك ثم ركبوه فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشفع محسنهم في مسيئهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يحجون البيت الحرام لا ينأون عنه أبدا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، لا يقضون منه وطرا أبدا . قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم قربانهم دماؤهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يقاتلون في سبيلك صفوفا زحوفا ، يفرغ عليهم الصبر إفراغا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يذنب أحدهم الذنب فيتوضأ فيغفر له ، ويصلي فتجعل الصلاة له نافلة بلا ذنب فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشهدون لرسلك بما بلغوا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يجعلون الصدقة في بطونهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم الغنائم لهم حلال وهي محرمة على الأمم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم جعلت الأرض لهم طهورا ومسجدا فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب ، [173ظ] إني وجدت نعت قوم الرجل منهم خير من ثلاثين ممن كان قبلهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، يا موسى ، الرجل من الأمم السالفة [ ص: 578 ] أعبد من الرجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بثلاثين ضعفا ، وهم خير منه بثلاثين ضعفا ؛ بإيمانه بالكتب كلها ، قال : يا رب إني وجدت نعت قوم يأوون إلى ذكرك ويتحابون عليه ، كما تأوي النسور إلى وكورها فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم إذا غضبوا هللوك ، وإذا تنازعوا سبحوك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يغضبون لك كما يغضب النمر الحرب لنفسه فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تفتح أبواب السماء لأعمالهم وأرواحهم ، وتباشر بهم الملائكة فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تتباشر بهم الأشجار والجبال بممرهم عليها ، لتسبيحهم لك وتقديسهم لك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم وهبت لهم الاسترجاع عند المصيبة ووهبت لهم عند المصيبة الصلاة والرحمة والهدى فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تصلي عليهم أنت وملائكتك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يدخل محسنهم الجنة بغير حساب ، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا ، وظالمهم يغفر له فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب فاجعلني منهم ، قال : يا موسى أنت منهم وهم منك ؛ لأنك على ديني وهم [ ص: 579 ] على ديني ، ولكن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي ، فكن من الشاكرين .

قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يبعثون يوم القيامة قد ملأت صفوفهم ما بين المشرق والمغرب صفوفا ، يهون عليهم الموقف ، لا يدرك فضلهم أحد من الأمم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شهداء عندك فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم لا يخافون فيك لومة لائم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب لقد كرمته وفضلته ، قال : يا موسى هو كذلك نبيي وصفيي وحبيبي ، وأمته خير أمة ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم محرمة على الأمم الجنة أن يدخلوها حتى يدخلها نبيهم وأمته فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب ، لبني إسرائيل ما بالهم ؟ قال : يا موسى إن قومك من بني إسرائيل يبدلون دينك من بعدك ، ويغيرون كتابك الذي أنزلت عليك ، وإن أمة محمد لا يغيرون سنته ، ولا يبطلون الكتاب الذي أنزلت عليه إلى أن تقوم الساعة ؛ فلذلك بلغتهم سنام كرامتي ، [ ص: 580 ] وفضلتهم على الأمم ، وجعلت نبيهم أفضل الأنبياء ، أولهم في الحشر ، وأولهم في انشقاق الأرض ، وأولهم شافعا وأولهم مشفعا ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم حلماء علماء ، كادوا أن يبلغوا بفقههم حتى يكونوا أنبياء فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد يا موسى ، أعطوا العلم الأول والآخر ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة قوما توضع المائدة بين أيديهم فما يرفعونها حتى يغفر لهم فمن هم ؟ قال : أولئك أمة أحمد ، قال : يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يلبس أحدهم الثوب فما ينفضه حتى يغفر له فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم إذا استووا على ظهور دوابهم حمدوك فيغفر لهم فمن هم ؟ قال : تلك أمة أحمد ، أوليائي يا موسى الذين أنتقم بهم من عبدة النيران والأوثان .

وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون ، فاجعلها أمتي ، قال : تلك [ ص: 581 ] أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها ظاهرا فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها كتبت له عشر حسنات ، فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب ، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة ، ، فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجال ، فاجعلها أمتي ، قال : تلك أمة أحمد ، قال : يا رب فاجعلني من أمة أحمد . فأعطي عند ذلك خصلتين ؛ فقال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين قال : قد رضيت يا رب .

وأخرج أبو نعيم في الحلية ، عن عبد الرحمن المعافري ، عن أبيه ، أن [ ص: 582 ] كعب الأحبار رأى حبرا ليهود يبكي ، فقال له : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت بعض الأمر . فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني ؟ قال : نعم ، قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال . فقال موسى : رب اجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم ، قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون ، إذا أرادوا أمرا قال : أفعله إن شاء الله ، فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط واديا حمد الله ، الصعيد لهم طهور والأرض لهم مسجد ، حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء ، يرثون الكتاب ، واصطفيتهم ، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ، ولا أجد أحدا منهم إلا مرحوما ، فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد ؟ [ ص: 583 ] قال الحبر : نعم ، قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال : يا رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم ، يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة ، أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل لا يدخل النار منهم أحد إلا من برئ من الحسنات مثلما برئ الحجر من ورق الشجر ، فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة أحمد ؟ قال الحبر : نعم ، فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمدا وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد . فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن : يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي الآية . فرضي موسى كل الرضا .

وأخرج أبو نعيم ، عن سعيد بن أبي هلال ، أن عبد الله بن عمرو قال لكعب : أخبرني عن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته . قال : أجدهم في كتاب الله أن أحمد وأمته حمادون ، يحمدون الله على كل خير وشر ، يكبرون الله على كل شرف ، يسبحون الله في كل منزل ، نداؤهم في جو السماء ، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل على الصخر ، يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة ، ويصفون في القتال كصفوفهم في الصلاة ، إذا غزوا في سبيل الله كانت الملائكة بين أيديهم ومن خلفهم برماح شداد ، إذا حضروا الصف في سبيل الله كان الله عليهم مظلا كما تظل النسور على وكورها ، لا يتأخرون زحفا أبدا حتى يحضرهم جبريل عليه السلام . [ ص: 584 ] وأخرج الطبراني ، والبيهقي في الدلائل ، عن محمد بن يزيد الثقفي قال : اصطحب قيس بن خرشة وكعب الأحبار حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ، ثم نظر ساعة ثم قال : ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله ، فقال قيس : ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به ، فقال كعب : ما من الأرض شيء إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ، ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، عن خالد الربعي قال : قرأت في كتاب الله المنزل أن عثمان بن عفان رافعا يديه إلى الله يقول : يا رب قتلني عبادك المؤمنون .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن خالد الربعي قال : قرأت في التوراة : اتق الله يا ابن آدم ، وإذا شبعت فاذكر الجائع .

وأخرج أحمد ، عن قتادة قال : بلغنا أنه مكتوب في التوراة : ابن آدم ، ارحم ترحم ، إنه من لا يرحم لا يرحم ، كيف ترجو أن أرحمك وأنت لا ترحم عبادي .

وأخرج أحمد ، وأبو نعيم في الحلية ، عن مالك بن دينار قال : قرأت في [ ص: 585 ] التوراة : يا ابن آدم ، لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيا ، فإني أنا الله الذي اقتربت لقلبك ، وبالغيب رأيت نوري ، قال مالك : يعني الحلاوة والسرور الذي يجد المؤمن .

وأخرج أبو نعيم في الحلية ، عن وهب بن منبه قال : أربعة أحرف في التوراة ؛ مكتوب : من لم يشاور يندم ، ومن استغنى استأثر ، والفقر الموت الأحمر ، وكما تدين تدان .

وأخرج أحمد ، وأبو نعيم ، عن خيثمة قال : مكتوب في التوراة : ابن آدم ، تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى ، وأسد فقرك ، وإن لا تفعل أملأ قلبك شغلا ولا أسد فقرك .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن بيان قال : بلغني أن في التوراة مكتوب : ابن آدم ، كسرة تكفيك ، وخرقة تواريك ، وجحر يأويك .

وأخرج أحمد ، عن وهيب المكي قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة : يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت ، فلا أمحقك مع من أمحق ، وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك ، فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك . [ ص: 586 ] وأخرج أحمد ، عن الحسن بن أبي الحسن قال : انتهت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا : إن التوراة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الأمر فيه تخفيف ، فأوحى الله إليه : ما سألك قومك ؟ قال : يا رب أنت أعلم ، قال : إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني ، قال : فإنهم سألوني جماعا من الأمر فيه تخفيف ، ويزعمون أن التوراة تكبر عليهم . فقال الله عز وجل : قل لهم : لا تظالموا في المواريث ، ولا يدخلن عليكم عبد بيتا حتى يستأذن ، وليتوضأ من الطعام ما يتوضأ للصلاة . فاستخفوها يسيرا ، ثم إنهم لم يقوموا بها ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عند ذلك : تقبلوا إلي بست أتقبل لكم بالجنة ؛ من حدث فلا يكذب ، ومن وعد فلا يخلف ، ومن ائتمن فلا يخون ، احفظوا أيديكم وأبصاركم وفروجكم .

وأخرج أحمد ، عن مالك بن دينار قال : قرأت في التوراة : من يزدد علما يزدد وجفا ، وقال : مكتوب في التوراة : من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه .

وأخرج أحمد ، عن قتادة قال : إن في التوراة مكتوبا : يا ابن آدم ، تذكرني وتنساني ، وتدعو إلي وتفر مني ، وأرزقك وتعبد غيري . [ ص: 587 ] وأخرج عبد الله وابنه، عن الوليد بن عمرو قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة : ابن آدم ، حرك يديك أفتح لك بابا من الرزق ، وأطعني فيما آمرك ، فما أعلمني بما يصلحك .

وأخرج عبد الله ، عن عقبة بن أبي زينب قال : في التوراة مكتوب : لا تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم ليس ، ولكن توكل على الحي الذي لا يموت . وفي التوراة مكتوب : مات موسى كليم الله فمن ذا الذي لا يموت .

وأخرج أحمد ، عن وهب بن منبه قال : وجدت فيما أنزل الله على موسى : أن من أحب الدنيا أبغضه الله ، ومن أبغض الدنيا أحبه الله ، ومن أكرم الدنيا أهانه الله ، [174و] ومن أهان الدنيا أكرمه الله .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عروة قال : مكتوب في التوراة : ليكن وجهك بسطا ، وكلمتك طيبة ، تكن أحب إلى الناس من الذين يعطونهم العطاء .

[ ص: 588 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عروة قال : بلغني أنه مكتوب في التوراة : كما ترحمون ترحمون .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن كعب قال : والذي فلق البحر لبني إسرائيل ، في التوراة مكتوب : يا ابن آدم اتق ربك ، وابرر والديك ، وصل رحمك ، أمد لك في عمرك ، وأيسر لك يسرك ، وأصرف عنك عسرك .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن كردوس الثعلبي قال : مكتوب في التوراة : اتق توقه ، إنما التوقي في التقوى ، ارحموا ترحموا ، توبوا يتاب عليكم .

وأخرج الحكيم في نوادر الأصول ، عن أبي الجوزاء قال : قرأت في التوراة : إن سرك أن تحيا وتبلغ علم اليقين ، فاحتمل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا ، فإن من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله .

وأخرج الطبراني في السنة ، وأبو الشيخ ، عن كعب قال : لما أراد الله أن يكتب لموسى التوراة قال لجبريل : ادخل الجنة فائتني بلوحين من شجرة الجنة . فدخل جبريل الجنة فاستقبلته شجرة من شجر الجنة من ياقوت أحمر ، فقطع منها لوحين فتابعته على ما أمره الرحمن تبارك وتعالى ، فأتى بهما الرحمن ، فأخذهما بيده فعاد اللوحان نورا لما مسهما الرحمن تبارك وتعالى ، وتحت العرش نهر يجري من نور ، لا يدري حملة العرش أين يجيء ، ولا أين يذهب منذ خلق الله [ ص: 589 ] الخلق ، فلما استمد منه الرحمن جف فلم يجر ، فلما كتب لموسى التوراة بيده ناول اللوحين موسى ، فلما أخذهما موسى عادا حجارة ، فلما رجع إلى بني إسرائيل وإلى هارون وهو مغضب أخذ بلحيته ورأسه يجره إليه ، فقال له هارون : يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ، ومع ذلك إني خفت أن آتيك فتقول : فرقت بين بني إسرائيل ولم تنتظر قولي . فاستغفر موسى ربه تبارك وتعالى ، واستغفر لأخيه ، وقد تكسرت الألواح لما ألقاها من يده .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن كعب الأحبار ، أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه : اللهم لين قلبي بالتوراة ، ولا تجعل قلبي قاسيا كالحجر .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن الحسن قال : سأل موسى جماعا من العمل ، فقيل له : انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس فصاحب الناس به .

التالي السابق


الخدمات العلمية