صفحة جزء
قوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم الآيات .

- أخرج عبد بن حميد ، وخشيش بن أصرم في "الاستقامة" ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله [ ص: 650 ] وإذ أخذ ربك من بني آدم الآية . قال : خلق الله آدم ، وأخذ ميثاقه أنه ربه ، وكتب أجله ورزقه ومصيبته ، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر ، فأخذ مواثيقهم أنه ربهم ، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصيباتهم .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وإذ أخذ ربك من بني آدم الآية ، قال : لما خلق الله آدم أخذ ذريته من ظهره كهيئة الذر ثم سماهم بأسمائهم ، فقال : هذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا ، وهذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا . ثم أخذ بيده قبضتين ، فقال : هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، واللاكائي في "السنة" ، عن ابن عباس في قوله : وإذ أخذ ربك الآية ، قال : إن الله خلق آدم ثم أخرج ذريته من صلبه مثل الذر ، فقال لهم : من ربكم ؟ فقالوا : الله ربنا ، ثم أعادهم في صلبه حتى يولد كل من أخذ ميثاقه ، لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم إلى أن تقوم الساعة .

[ ص: 651 ] وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس قال : لما أهبط آدم عليه السلام حين أهبط بدحناء ، فمسح الله ظهره فأخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، ثم قال : ألست بربكم قالوا بلى ، فيومئذ جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في الآية قال : مسح الله على صلب آدم فأخرج من صلبه ما يكون من ذريته إلى يوم القيامة وأخذ ميثاقهم أنه ربهم وأعطوه ذلك فلا يسأل أحد ؛ كافر ولا غيره من ربك؟ إلا قال : الله .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ واللالكائي في "السنة" ، عن عبد الله بن عمرو في قوله : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم " قال : أخذهم من ظهورهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس [ ص: 652 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن منده في كتاب "الرد على الجهمية"، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في الآية قال : أخرج ذريته من صلبه كأنهم الذر في آذي من الماء .

وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس في الآية قال : إن الله ضرب بيمينه على منكب آدم ، فخرج منه مثل اللؤلؤ في كفه فقال : هذا للجنة . وضرب بيده الأخرى على منكبه الشمال، فخرج منه سود مثل الحمم ، فقال : هذا ذرء النار ، قال : وهي هذه الآية : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس [الأعراف : 179] .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في الآية قال : مسح الله ظهر آدم وهو ببطن نعمان ؛ واد إلى جنب عرفة، فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، ثم أخذ عليهم الميثاق وتلا : " أن يقولوا يوم القيامة " . هكذا قرأها : " يقولوا " بالياء .

[ ص: 653 ] وأخرج أبو الشيخ ، عن عبد الكريم بن أبي أمية قال : أخرجوا من ظهره مثل طريق النمل .

وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن محمد بن كعب قال : أقروا له بالإيمان والمعرفة الأرواح قبل أن تخلق أجسادها .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن محمد بن كعب قال : خلق الله الأرواح قبل أن يخلق الأجساد فأخذ ميثاقهم .

وأخرج ابن عبد البر في "التمهيد" من طريق السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وناس من الصحابة في قوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قالوا : لما أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبطه من السماء مسح صفحة ظهره اليمنى ، فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر فقال لهم : ادخلوا الجنة برحمتي . ومسح صفحة ظهره اليسرى ، فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر ، فقال : ادخلوا النار ولا أبالي . فذلك قوله : وأصحاب اليمين [ الواقعة : 27] . [ ص: 654 ] وأصحاب الشمال [ الواقعة : 41] . ثم أخذ منهم الميثاق فقال : ألست بربكم قالوا بلى . فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية ، فقال هو والملائكة : شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل . قالوا : فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله أنه ربه ، وذلك قوله عز وجل : وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها [آل عمران : 83 ] . وذلك قوله : فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين [الأنعام : 149 ] . يعني يوم أخذ الميثاق .

وأخرج ابن جرير ، عن أبي محمد رجل من أهل المدينة قال : سألت عمر بن الخطاب عن قوله : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم . قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم كما سألتني ، فقال : "خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ، ثم أجلسه فمسح ظهره بيده اليمنى فأخرج ذرءا ، فقال : ذرء ذرأتهم للجنة . ثم مسح ظهره بيده الأخرى - وكلتا يديه يمين - فقال : ذرء ذرأتهم للنار يعملون فيما شئت من عمل ، ثم أختم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار" .

[ ص: 655 ] وأخرج عبد بن حميد ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "زوائد المسند" ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن منده في كتاب "الرد على الجهمية" ، واللالكائي ، وابن مردويه ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ، والضياء في "المختارة" ، وابن عساكر في "تاريخه" ، عن أبي بن كعب في قوله : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم . إلى قوله : بما فعل المبطلون قال : جمعهم جميعا فجعلهم أرواحا في صورهم ، ثم استنطقهم فتكلموا ، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا : بلى . قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع وأشهد عليكم أباكمآدم ؛ أن تقولوا يوم القيامة : إنا لم نعلم بهذا . اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئا، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي . قالوا : شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك . فأقروا، ورفع عليهم آدم ينظر إليهم ، فرأى الغني والفقير وحسن الصورة، ودون ذلك ، فقال : يا رب لولا سويت بين عبادك؟ قال : إني أحببت أن أشكر . ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج ، عليهم النور، [ ص: 656 ] وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة أن يبلغوا؛ وهو قوله : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم الآية [الأحزاب : 7] ، وهو قوله : فطرت الله التي فطر الناس عليها [الروم : 30] : وفي ذلك قال : وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين [الأعراف : 102] . وفي ذلك قال فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل [يونس : 74] قال : فكان في علم الله يومئذ من يكذب به ومن يصدق به ، فكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عهدها وميثاقها في زمن آدم ، فأرسله الله إلى مريم في صورة بشر، فتمثل لها بشرا سويا [مريم : 17] ، قال أبي : فدخل من فيها .

وأخرج مالك في "الموطأ" وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري في "تاريخه" ، وأبو داود ، والترمذي ، وحسنه ، والنسائي ، وخشيش بن أصرم في "الاستقامة" وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، والآجري في "الشريعة" ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه، واللالكائي ، والبيهقي في [ ص: 657 ] "الأسماء والصفات" ، والضياء في "المختارة" عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال : "إن الله خلق آدم ، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للجنة ، وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون "، فقال الرجل : يا رسول الله ، ففيم العمل؟ فقال : "إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار" .

وأخرج أحمد ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا قال : ألست بربكم قالوا بلى شهدنا [ ص: 658 ] إلى قوله المبطلون .

وأخرج ابن جرير ، وابن منده في كتاب "الرد على الجهمية" ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال : أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس ، فقال لهم : ألست بربكم قالوا بلى قالت الملائكة : (شهدنا أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين )" .

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن منده ، وأبو الشيخ في "العظمة" ، وابن عساكر ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله لما خلق آدم مسح ظهره ، فخرت منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، ونزع ضلعا من أضلاعه ، فخلق منه حواء ، ثم أخذ عليهم العهد : ألست بربكم قالوا بلى . ثم اختلس كل نسمة من بني آدم بنوره في وجهه وجعل فيه البلوى الذي [ ص: 659 ] كتب أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام ، ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم هؤلاء ذريتك ، وإذا فيهم الأجذم ، والأبرص ، والأعمى ، وأنواع الأسقام فقال آدم : يا رب لم فعلت هذا بذريتي قال : كي تشكر نعمتي ، وقال آدم : يا رب من هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا ؟ قال : هؤلاء الأنبياء من ذريتك ، قال : من هذا الذي أراه أظهرهم نورا ؟ قال : هذا داود ، يكون في آخر الأمم ، قال : يا رب كم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : يا رب كم جعلت عمري ؟ قال : كذا وكذا ، قال : يا رب فزده من عمري أربعين سنة حتى يكون عمره مائة سنة ، قال : أتفعل يا آدم قال : نعم يا رب ، قال : فيكتب ويختم ، إنا كتبنا وختمنا ولم نغير ، قال : فافعل أي رب " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فلما جاء ملك الموت إلى آدم ليقبض روحه قال : ماذا تريد يا ملك الموت؟ قال : أريد قبض روحك ، قال : ألم يبق من أجلي أربعون سنة ؟ قال : أولم تعطها ابنك داود ؟ قال : لا " . قال : فكان أبو هريرة يقول : نسي آدم ونسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته [ ص: 660 ] وأخرج ابن جرير ، عن جويبر قال : مات ابن للضحاك بن مزاحم -ابن ستة أيام- فقال : إذا وضعت ابني في لحده، فأبرز وجهه وحل عقده ، فإن ابني مجلس ومسؤول ، فقلت : عم يسأل ؟ قال : عن الميثاق الذي أقر به في صلب آدم ، حدثني ابن عباس أن الله مسح صلب آدم ، فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وتكفل لهم بالأرزاق ، ثم أعادهم في صلبه ، فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذ ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول ، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يقر به لم ينفعه الميثاق الأول ، ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول ؛ على الفطرة .

وأخرج عبد بن حميد ، عن سلمان قال : إن الله لما خلق آدم مسح ظهره ، فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة ، فكتب الآجال ، والأرزاق ، والأعمال ، والشقوة ، والسعادة ، فمن علم السعادة فعل الخير ، ومجالس الخير ، ومن علم الشقاوة فعل الشر ومجالس الشر .

وأخرج عبد بن حميد ، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، والطبراني ، وأبو الشيخ في "العظمة" ، وابن مردويه ، عن أبي أمامة ، أن [ ص: 661 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "خلق الله الخلق وقضى القضية ، وأخذ ميثاق النبيين ، وعرشه على الماء ، فأخذ أهل اليمين بيمينه ، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى - وكلتا يدي الرحمن يمين - فقال : يا أصحاب اليمين . فاستجابوا له فقالوا : لبيك ربنا وسعديك . قال : ألست بربكم قالوا : بلى قال : يا أصحاب الشمال ، فاستجابوا له فقالوا : لبيك ربنا وسعديك ، قال : ألست بربكم قالوا بلى فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم : رب لم خلطت بيننا؟ قال : ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون [المؤمنون : 63 ] . (أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) . ثم ردهم في صلب آدم ، فأهل الجنة أهلها ، وأهل النار أهلها " ، فقال قائل : يا رسول الله ، فما الأعمال ؟ قال : "يعمل كل قوم لمنازلهم " ، فقال عمر بن الخطاب : إذن نجتهد .

وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم [ ص: 662 ] وبيصا من نور ، ثم عرضهم على آدم ، فقال : أي رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب ، من هذا ؟ فقال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك ، يقال له : داود . قال : أي رب ، وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : أي رب، زده من عمري أربعين سنة ، فلما انقضى عمر آدم جاء ملك الموت ، فقال : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أولم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسي فنسيت ذريته" .

وأخرج ابن أبي الدنيا في "الشكر" ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في "الشعب" ، عن الحسن قال : لما خلق الله آدم عليه السلام وأخرج أهل الجنة من صفحته اليمنى، وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى ، فدبوا على وجه الأرض ؛ منهم الأعمى ، والأصم والأبرص ، والمقعد ، والمبتلى بأنواع البلاء ، فقال آدم : يا رب ألا سويت بين ولدي ، قال : يا آدم ، إني أردت أن أشكر ، ثم [ ص: 663 ] ردهم في صلبه .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي في "الشعب" ، عن قتادة ، والحسن ، قالا : لما عرضت على آدم ذريته ، فرأى فضل بعضهم على بعض قال : أي رب ، أفهلا سويت بينهم ؟ قال : إني أحب أن أشكر ، يرى ذو الفضل فضله فيحمدني ويشكرني .

وأخرج أحمد في "الزهد" ، عن بكر ، مثله .

وأخرج ابن جرير ، والبزار ، والطبراني ، والآجري في "الشريعة" ، وابن مردويه ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ، عن هشام بن حكيم ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم ، ثم أشهدهم على أنفسهم ، ثم أفاض بهم في كفيه ، فقال : هؤلاء في الجنة ، وهؤلاء في النار . [ ص: 664 ] فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار" .

وأخرج الطبراني ، ، وابن مردويه ، عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله أخرج ذرية آدم من صلبه حتى ملئوا الأرض ، وكانوا هكذا " فضم إحدى يديه على الأخرى .

وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" ، وابن مردويه ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سألت ربي فأعطاني أولاد المشركين خدما لأهل الجنة ؛ وذلك [178 ظ] أنهم لم يدركوا ما أدرك آباؤهم من الشرك ، وهم في الميثاق الأول" .

وأخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء ، أكنت مفتديا به؟ فيقول : نعم ، فيقول : قد أردت منك أهون من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم ألا تشرك بي، فأبيت إلا أن تشرك بي" .

[ ص: 665 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، عن علي بن حسين ، أنه كان يعزل ، ويتأول هذه الآية : (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم ) .

وأخرج سعيد بن منصور ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل فقال : "لا عليكم ألا تفعلوا ؛ إن يكن مما أخذ الله منها الميثاق فكانت على صخرة نفخ فيها الروح" .

وأخرج أحمد ، وابن أبي حاتم ، عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن العزل فقال : " لو أن الماء الذي يكون منه الولد صب على صخرة لأخرج الله منها ما قدر ؛ ليخلق الله نفسا هو خالقها" .

وأخرج عبد الرزاق ، عن ابن مسعود ، أنه سئل عن العزل فقال : "لو أخذ الله ميثاق نسمة من صلب رجل ، ثم أفرغه على صفا لأخرجه من ذلك الصفا ؛ فإن شئت فاعزل ، وإن شئت فلا تعزل .

وأخرج عبد الرزاق ، عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يقولون : إن النطفة التي [ ص: 666 ] قضى الله فيها الولد لو وقعت على صخرة لخرج منها الولد .

وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"، وأبو الشيخ ، عن فاطمة بنت حسين قالت : لما أخذ الله الميثاق من بني آدم ، جعله في الركن ، فمن الوفاء بعهد الله استلام الحجر .

وأخرج أبو الشيخ ، عن جعفر بن محمد قال : كنت مع أبي؛ محمد بن علي فقال له رجل : يا أبا جعفر ، ما بدء خلق هذا الركن ؟ فقال : إن الله لما خلق الخلق قال لبني آدم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى فأقروا ، وأجرى نهرا أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ثم أمر القلم فاستمد من ذلك النهر ، فكتب إقرارهم ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر ، فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم الذي كانوا أقروا به .

وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس قال : ضرب الله متن آدم ، فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية ، فقال : هؤلاء أهل [ ص: 667 ] الجنة . وخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء ، فقال : هؤلاء أهل النار . أمثال الخردل في صور الذر ، فقال : يا عباد الله ، أجيبوا الله ، يا عباد الله ، أطيعوا الله ، قالوا : لبيك أطعناك ، اللهم أطعناك ، اللهم أطعناك . وهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك : لبيك اللهم لبيك ، فأخذ عليهم العهد بالإيمان به ، والإقرار والمعرفة بالله وأمره .

وأخرج الجندي في "فضائل مكة"، وأبو الحسن القطان في "الطوالات" ، والحاكم ، والبيهقي في "شعب الإيمان" وضعفه ، عن أبي سعيد الخدري قال : حججنا مع عمر بن الخطاب ، فلما دخل الطواف استقبل الحجر ، فقال : إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك ، ثم قبله ، فقال له علي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين ، إنه يضر وينفع ، قال : بم ؟ قال : بكتاب الله عز وجل ، قال : وأين ذلك من كتاب الله ؟ قال : قال الله : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم [ ص: 668 ] إلى قوله : بلى . خلق الله آدم ، ومسح على ظهره ، فقررهم بأنه الرب ، وأنهم العبيد ، وأخذ عهودهم ومواثيقهم ، وكتب ذلك في رق ، وكان لهذا الحجر عينان ولسان ، فقال له : افتح فاك ، ففتح فاه فألقمه ذلك الرق ، فقال : اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة ، وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود ، وله لسان ذلق ، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد " ، فهو يا أمير المؤمنين ، يضر وينفع ، فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن .

وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : وإذ أخذ ربك الآية ، قال : أخذهم في كفه كأنهم الخردل ؛ الأولين والآخرين فقلبهم في يده مرتين أو ثلاثا ، يرفع يده ويطأطئها ما شاء الله من ذلك ، ثم ردهم في أصلاب آبائهم ، حتى أخرجهم قرنا بعد قرن ، ثم قال بعد ذلك : وما وجدنا لأكثرهم من عهد الآية [ ص: 669 ] [الأعراف : 102 ] ، ثم نزل بعد ذلك : واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به [المائدة : 7] .

وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" ، عن عبد الله بن عمرو قال : لما خلق الله آدم نفضه نفض المزود ، فخر منه مثل النغف ، فقبض منه قبضتين ، فقال لما في اليمين : في الجنة ، وقال لما في الأخرى : "في النار" .

وأخرج ابن سعد ، وأحمد ، عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ، ثم أخذ الخلق من ظهره ، فقال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي " ، فقال رجل : يا رسول الله ، فعلى ماذا نعمل ؟ قال : على مواقع القدر" .

وأخرج أحمد ، والبزار ، والطبراني ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "خلق الله آدم حين خلقه ، فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء [ ص: 670 ] كأنهم الذر ، وضرب كتفه اليسرى ، فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة ، فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كتفه اليسرى : إلى النار ولا أبالي" .

وأخرج البزار ، وخشيش في "الاستقامة" ، والطبراني ، والآجري ، وابن مردويه ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله جل ذكره يوم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين ، فوقع كل طيب في يمينه وكل خبيث بيده الأخرى ، فقال : هؤلاء أصحاب الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء أصحاب النار ولا أبالي ، ثم أعادهم في صلب آدم ، فهم ينسلون على ذلك إلى الآن" .

وأخرج البزار ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين : "هذه في الجنة ولا أبالي" .

وأخرج البزار ، والطبراني ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في [ ص: 671 ] القبضتين : "هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه "، قال : فتفرق الناس وهم لا يختلفون في القدر" .

وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" والآجري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم ضرب بيده على شق آدم الأيمن ، فأخرج ذروا كالذر ، فقال : يا آدم ، هؤلاء ذريتك من أهل الجنة ، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر ، فأخرج ذروا كالحمم ، ثم قال : هؤلاء ذريتك من أهل النار" .

وأخرج أحمد ، عن أبي نضرة ، أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له : أبو عبد الله . دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي ، فقالوا له : ما يبكيك؟ قال : سمعت رسول الله يقول : "إن الله قبض بيمينه قبضة ، وأخرى باليد الأخرى ، فقال : هذه لهذه ، وهذه لهذه ، ولا أبالي" ، فلا أدري في أي القبضتين أنا .

وأخرج ابن مردويه ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الله قبض قبضة فقال : للجنة برحمتي ، وقبض قبضة فقال : إلى النار ولا أبالي" .

[ ص: 672 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن الضحاك قال : إن الله أخرج من ظهر آدم يوم خلقه ما يكون إلى يوم القيامة ، فأخرجهم مثل الذر ، ثم قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى . قالت الملائكة : شهدنا ، ثم قبض قبضة بيمينه فقال : هؤلاء في الجنة ، ثم قبض قبضة أخرى فقال : هؤلاء في النار ولا أبالي .

وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن ابن جريج في قوله : ( أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) ، قال : عن الميثاق الذي أخذ عليهم : ( أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل) . فلا يستطيع أحد من خلق الله من الذرية ( أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا) ، ونقضوا الميثاق ، وكنا نحن ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بذنوب آبائنا وبما فعل المبطلون ؟ .

-

التالي السابق


الخدمات العلمية