1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة البقرة
  4. تفسير قوله تعالى ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه
صفحة جزء
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا [ ص: 416 ] يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد

من يعجبك قوله ، أي: يروقك ويعظم في قلبك، ومنه: الشيء العجيب الذي يعظم في النفس، وهو الأخنس بن شريق كان رجلا حلو المنطق، إذا لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألان له القول وادعى أنه يحبه وأنه مسلم ، وقال: يعلم الله أني صادق، وقيل: هو عام في المنافقين، كانت تحلو لي ألسنتهم، وقلوبهم أمر من الصبر.

فإن قلت: بم يتعلق قوله: في الحياة الدنيا ؟ قلت: بالقول، أي يعجبك ما يقوله في معنى الدنيا; لأن ادعاءه المحبة بالباطل يطلب به حظا من حظوظ الدنيا ولا يريد به الآخرة، كما تراد بالإيمان الحقيقي والمحبة الصادقة للرسول، فكلامه إذا في الدنيا لا في الآخرة، ويجوز أن يتعلق بـ "يعجبك"أي: قوله حلو فصيح في الدنيا فهو يعجبك، ولا يعجبك في الآخرة لما يرهقه في الموقف من الحبسة واللكنة، أو لأنه لا يؤذن له في الكلام فلا يتكلم حتى يعجبك كلامه ويشهد الله على ما في قلبه أي يحلف ويقول: الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام، وقرئ: (ويشهد الله) وفي مصحف أبي: "ويستشهد الله": وهو ألد الخصام وهو شديد الجدال والعداوة للمسلمين، وقيل: كان بينه وبين ثقيف خصومة فبيتهم ليلا وأهلك مواشيهم وأحرق زروعهم، والخصام: المخاصمة، وإضافة الألد بمعنى في، كقولهم: ثبت الغدر. أو جعل الخصام ألد على المبالغة، وقيل الخصام: جمع خصم، كصعب وصعاب، بمعنى وهو أشد الخصوم خصومة.

وإذا تولى عنك وذهب بعد إلانة القول وإحلاء المنطق سعى في الأرض ليفسد فيها كما فعل بثقيف، وقيل: وإذا تولى وإذا كان واليا فعل ما يفعل ولاة السوء من الفساد في الأرض بإهلاك الحرث والنسل، وقيل: يظهر الظلم حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر فيهلك الحرث والنسل.

وقرئ: (ويهلك الحرث والنسل) على أن الفعل للحرث والنسل، والرفع للعطف على سعى، وقرأ الحسن بفتح اللام، وهي لغة نحو: أبي يأبى، وروي عنه: (ويهلك) على البناء للمفعول أخذته العزة بالإثم من قولك: أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه، أي: حملته العزة التي فيه وحمية الجاهلية على الإثم الذي ينهى عنه، [ ص: 417 ] وألزمته ارتكابه، وأن لا يخلي عنه ضرارا ولجاجا، أو على رد قول الواعظ.

التالي السابق


الخدمات العلمية