1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة النحل
  4. تفسير قوله تعالى ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب
صفحة جزء
ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم

وانتصاب "الكذب": بلا تقولوا، على: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا [الأنعام: 139]، من غير استناد ذلك الوصف إلى وحي من الله أو إلى قياس مستند إليه، واللام مثلها في قولك: ولا تقولوا لما أحل الله هو حرام، وقوله: هذا حلال وهذا حرام : بدل من الكذب، ويجوز أن يتعلق بـ"تصف" على إرادة القول، أي: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم، فتقول هذا حلال وهذا حرام، ولك أن تنصب الكذب بـ"تصف"، وتجعل "ما": مصدرية، وتعلق "هذا حلال وهذا حرام" بلا تقولوا: على ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب، أي: لا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينة، ولكن قول ساذج ودعوى فارغة.

فإن قلت: ما معنى وصف ألسنتهم الكذب ؟

قلت: هو من فصيح الكلام وبليغه، جعل قولهم كأنه عين الكذب ومحضه، فإذا نطقت به ألسنتهم، فقد حلت الكذب بحليته وصورته بصورته، كقولهم: وجهها يصف الجمال، وعينها تصف السحر، وقرئ : "الكذب" بالجر صفة لـ"ما" المصدرية، كأنه قيل: لوصفها الكذب، بمعنى: الكاذب، كقوله تعالى: بدم كذب ، والمراد بالوصف: وصفها البهائم بالحل والحرمة، وقرئ : "الكذب": جمع كذوب بالرفع، صفة للألسنة، وبالنصب على الشتم، أو بمعنى: الكلم الكواذب، أو هو جمع الكذاب من قولك: كذب كذابا، ذكره ابن جني ، واللام في "لتفتروا": من التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض، متاع قليل : خبر مبتدأ محذوف، أي: منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم.

التالي السابق


الخدمات العلمية